الباب العاشر
شبهات حول إعجاز القرآن ، وأسلوبه ، وتفنيدها.
الشبهة الأولى :
إنّ إعجاز القرآن لا يكمن في سر بلاغته ، وبيانه ، وفصاحته ، أو في عدم قدرة العرب على معارضته ، فهو لم يتجاوز في بلاغته ، وفصاحته حدود طاقاتهم اللغوية ، والبلاغية ، وإنّما يكمن إعجازه في عدم توفر الأسباب الداعية لمعارضته ، ولو توفرت لاستطاع العرب معارضته ؛ ولو فعلوا ، لأعجزوا ، وأفحموا ، وعارضوا ، وأتوا بمثله ؛ فليس كل ما لم يفعله الإنسان يكون خارجا عن حدود قدرته. ولذلك فقد زعموا أن القرآن لم يصل في بلاغته بعد الإعجاز الذي لا تسمو إليه قدرة البشر عادة ، وإنّما انصرف العرب عن معارضته ، فيخيل للناس أنّه أعجزهم ، أو أنّه معجز لأنّه الباقي وحده في الميدان ميدان التحدي ، والإعجاز. وقد أرجعوا أسباب عدم معارضة العرب للقرآن لأمور عدة أهمها ثلاثة :
الأمر الأول : عدم توفر أسباب ، وبواعث المعارضة.