ج ـ قال النووي في كتابه «التبيان في آداب حملة القرآن» ما نصه «وثبت في الصحيحين أيضا عن عائشة «رضي الله عنها» أن النبي «صلىاللهعليهوآلهوسلم» سمع رجلا يقرأ ، فقال : «رحمهالله ، لقد أذكرني آية كنت أسقطتها». وفي رواية في الصحيح : «كنت أنسيتها».
وأمّا الآية القرآنية فهي قوله تعالى : (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى (٦) إِلَّا ما شاءَ اللهُ) سورة الأعلى الآيات ٦ ـ ٧. فالاستثناء الواقع فيه يدل على أن الرسول «صلىاللهعليهوآلهوسلم» قد أسقط عمدا ، أو أنسي آيات لم يتفق له من يذكره إياها.
تفنيد هذه الشبهة :
يمكننا معالجة هذه الشبهة من حيث تفسير الحديث والآية.
أولا : من حيث الحديث :
أ ـ إنّ هذا الحديث لا يصلح حجة ، ولا يستقيم سندا في تأييد هذه الشبهة ، وإنّما هو حجة عليها. فإن كلمة «أسقطتهن» التي وردت في الحديث معناها الإسقاط نسيانا ، وليس عمدا. وما يقوي معنى النسيان ، ويؤكده هو مرادفها في نفس الحديث ، وهي كلمة : «أنسيتها».
ب ـ إن العقلانية السليمة ، وشواهد الإيمان الحقة تقتضي استحالة أن يغير الرسول «صلىاللهعليهوآلهوسلم» أو يبدل في القرآن شيئا إلّا إذا أمره الله بذلك ، أو كان بإيحاء من الله تعالى كالنسخ ، وغيره وإلا لما بلغ الرسول «صلىاللهعليهوآلهوسلم» الرسالة ، ولما أدى الأمانة ، والله تعالى يشهد على أمانة رسوله ، إذ يقول على لسانه : (قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَ) يونس آية ١٥.
ج ـ إنّ نسيان الرسول «صلىاللهعليهوآلهوسلم» الوارد في الحديث ليس نسيان تبليغ ، وإنما