كما وأعلن الإمام أبو عبد الله الصادق نقمته وسخطه على المغيرة قائلا : لعن الله المغيرة بن سعيد ولعن الله يهودية كان يختلف إليها يتعلم منها السحر والشعبذة والمخاريق ، أن المغيرة كذب على أبي فسلبه الله الإيمان ، وإن قوما كذبوا علي ما لهم أذاقهم الله حر الحديد ، فو الله ما نحن إلا عبيد خلقنا واصطفانا ، ما نقدر على ضر ولا نفع ، إن رحمنا فبرحمته ، وإن عذبنا فبذنوبنا ، والله ما بنا على الله حجة ، ولا معنا من الله براءة ، وإنا لميتون ومقبورون ومنشورون ومبعوثون وموقوفون ومسئولون ما لهم لعنهم الله فلقد آذوا الله وآذوا رسول الله في قبره وأمير المؤمنين والحسن والحسين (١).
وترى مدى تأثر الإمام الباقر (عليهالسلام) من هؤلاء الكذابين الغلاة الذين مرقوا من الدين وتلاعبوا في كتاب الله واتخذوا آياته هزوا.
وأخيرا رأينا أن الإمام الباقر (عليهالسلام) كان مقصد العلماء للسؤال وكشف الحقائق كعمرو بن عبيد وطاوس والحسن وغيرهم ، وقد ناظر أهل الفرق وخاصمهم وبين فساد آرائهم وسوء معتقداتهم ، وكان يزود الوافدين عليه بتعاليم قيمة ويدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة رائده في ذلك القربة لوجهه الكريم لتكون له باقيات صالحات عند مليك مقتدر.
المبحث الرابع
مكانته وأقوال العلماء فيه
لسنا من المغالين إذا قلنا إن الإمام أبا جعفر الباقر (عليهالسلام) كان فريد عصره ، لا يدانيه أحد فيما اختص به من مميزات تقدم ذكرها أهلته لأن يكون مرجعا للعلماء ومقصدا لطلاب العلم ، فاحتل بذلك تلك المكانة المرموقة بين علماء عصره والعصور التي تلت ، فقد أجمع رجال الفكر والعلم على عظيم منزلته ومكانته ، والاعتراف له بالفضل والتفوق العلمي ، فاتفقت كلماتهم على أنه من
__________________
(١) فرق الشيعة ، النوبختي ، ٦٦+ معرفة الرجال ، الكشي ، ٢٢٥.