فقد استطاع الإمام الباقر أن يوصل سائله إلى قناعة بأن الله سبحانه وتعالى قد خلق السموات والأرض بدون مثال سبق مستدلا بآية أخرى من مكان آخر في القرآن الكريم.
٢ ـ روى محمد بن مسعود العياشي بسنده عن محمد بن مسلم الطائفي عن الإمام أبي جعفر الباقر في قوله تعالى : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها)(١) قال (عليهالسلام) : ما حول وما نسيها مثل الغيب الذي لم يكن بعد كقوله تعالى : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ)(٢) ، وقال (عليهالسلام) : ويفعل الله ما يشاء ويحول ما يشاء ، مثل قوم يونس إذ بدا له فرحمهم ، ومثل قوله تعالى : (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ)(٣) ، قال : فادركتهم رحمته (٤).
٣ ـ روى الطبرسي في تفسير قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها)(٥) ، أن الإمام الباقر قال : إن أداء الصلاة والزكاة والصوم والحج من الأمانة ، ويكون من جملتها الأمر لولاة الأمر بقسم الصدقات والغنائم وغير ذلك مما يتعلق به حق الرعية ، وقد عظم الله سبحانه أمر الأمانة بقوله : (يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ)(٦) ، وقوله : (لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ)(٧) ، وقوله : (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ)(٨)(٩).
حيث فسّر الإمام الباقر أداء الأمانة بتعظيم جرم الخيانة وتهويله وذكر لتوضيح ذلك آيتين من آيات الذكر الحكيم ، وبين صفة حميدة من صفات بعض أهل الكتاب وهي أداء الأمانة ، وعدّها فضيلة وثّق الله سبحانه وتعالى ذكرها في القرآن الكريم وتسجيلها لأصحابها في آية ثالثة.
__________________
(١) البقرة / ١٠٦.
(٢) الرعد / ٣٩.
(٣) الذاريات / ٥٤.
(٤) تفسير العياشي ، محمد بن مسعود ، ١ / ٥٥.
(٥) النساء / ٥٨.
(٦) غافر / ١٩.
(٧) الانفال / ٣٧.
(٨) آل عمران / ٧٥.
(٩) مجمع البيان ، الطبرسي ، ٣ / ٦٣+ قلائد الدرر ، الشيخ أحمد الجزائري ، ٢ / ٣٠٨.