لله تعالى على خلقه) (١) ، وهناك الكثير من الآيات التي تثبت هذه الحقيقة وتؤكدها منها قوله تعالى : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ)(٢) ، وقوله تعالى : (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ)(٣) ، وقوله تعالى : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)(٤) ، وكقوله تعالى : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى)(٥) وغيرها من الآيات التي جاءت لتؤكد هذا المعنى وترسي دعائمه ، وقد أكد الرسول الكريم (صلىاللهعليهوآله) هذا المعنى وأصله ، فقد قال عليه الصلاة والسلام : ألا أني أوتيت القرآن ومثله معه (٦) ، ومعناه كما قال أبو سليمان الخطابي : يحتمل وجهين من التأويل ، أحدهما : أن معناه أنه أوتي من الوحي الباطن غير المتلو مثلما أوتي من الظاهر المتلو ، والثاني : أنه أوتي الكتاب وحيا يتلى ، وأوتي من البيان مثله ، أي : أذن له أن يبين ما في الكتاب ، فيعم ويخص ، ويزيد عليه ويشرع ما ليس في الكتاب فيكون في وجوب العمل به ولزوم قبوله كالظاهر المتلو من القرآن (٧).
إذن لقد قام الرسول الكريم (صلىاللهعليهوآله) بمهمة ما أنيط إليه من مسئولية التبيين المكلف بها وفق منطوق ما تقدم من آيات ، وكان بيانه (صلىاللهعليهوآله) مما فهمه من القرآن الكريم ، قال سعيد بن جبير (ت : ٧٥ ه) : ما بلغني حديث عن رسول الله (صلىاللهعليهوآله) على وجهه ، ألا وجدت مصداقه في كتاب الله (٨).
* المطلب الأول : اختلاف العلماء في المقدار الذي فسره الرسول :
هذا وقد اختلف علماء المسلمين ـ بعد اتفاقهم على أن الرسول (صلىاللهعليهوآله) بيّن القرآن الكريم ـ في مقدار هذا البيان ، أهو شامل لجميع ما ورد في سور القرآن
__________________
(١) علوم القرآن المنتقى ، فرج توفيق الوليد وفاضل شاكر النعيمي ، ٢٤١.
(٢) النحل / ٤٤.
(٣) الشورى / ٥٢.
(٤) الحشر / ٧.
(٥) النجم / ٣ ـ ٤.
(٦) سنن أبي داود ، ٤ / ٢١٠+ سنن ابن ماجة ، ١ / ٦.
(٧) معالم السنن ، الخطابي ، ٧ / ٧.
(٨) توجيه النظر ، الجزائري ، ٤١١.