١ ـ روى الطبري بسنده عن أم المؤمنين عائشة رضوان الله عليها أنها قالت :
ما كان النبي (صلىاللهعليهوآله) يفسر شيئا من القرآن إلا آيا تعدّ علّمهنّ إياه جبرئيل (١).
٢ ـ إن الله تعالى لم يأمر النبي (صلىاللهعليهوآله) بالتنصيص على مراده (عزوجل) في جميع الآيات ، وذلك لحكمة بالغة هي أن يتدبر المسلمون ما في هذا الآيات الكريمة ويتفكروا فيها (٢).
تخصيص بعض الصحابة رضوان الله تعالى عليهم بدعاء الرسول (صلىاللهعليهوآله) لهم بالفقه والعلم كدعائه لابن عباس رضي الله عنه بقوله : اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل (٣) ، يلزم عدم بيانه (صلىاللهعليهوآله) كل معاني القرآن ، وإلا تساوى الصحابة في معرفة معاني الكتاب العزيز ، ولما كان لهذا التخصيص من فائدة (٤).
الرأي الثالث :
لقد سلك أصحاب هذا الرأي حدا وسطا بين القولين السابقين مدعين أن الرسول (صلىاللهعليهوآله) لم يبيّن كل المعاني القرآنية المباركة ولم يقتصر بيانه (صلىاللهعليهوآله) على عدد قليل جدا من الآيات ، وإنما فسّر الكثير منها ، ويمثل أصحاب هذا الرأي جملة من المحدثين الذين كتبوا بعلم التفسير لعدم نهوض أدلة الرأيين السابقين لديهم (٥).
نقد الادلة ومناقشتها :
وفي مناقشة أدلة أصحاب الرأي الأول نقول :
مناقشة الدليل الأول :
المعروف عن الصحابة في ذلك العهد أنهم أئمة اللسان وأمة البيان ، امتازوا بفصاحتهم وبلاغتهم وتذوقهم الأساليب اللغوية الرفيعة ، فكانوا قادرين على فهم ما يتلى عليهم من الآيات البينات إلا ما أشكل عليهم فهمه ، وقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنه قوله : التفسير على أربعة أوجه ، وجه تعرفه العرب من كلامها ،
__________________
(١) جامع البيان ، الطبري ، ١ / ٣٧.
(٢) الاتقان ، السيوطي ، ٢ / ١٩٧.
(٣) مسند الإمام أحمد ، شرح أحمد محمد شاكر ، ٤ / ١٢٧.
(٤) الجامع لأحكام القرآن ، القرطبي ، ١ / ٢٣+ التفسير والمفسرون ، الذهبي ، ١ / ٥١.
(٥) التفسير والمفسرون ، الذهبي ، ١ / ٤٩ ـ ٥٤.