على امتداد العصور ، فآباؤه الكرام كلهم سادات ما منهم إلا من هو سيد قومه في عصره ، فيحق لمفتخر أن يفتخر بهذا النسب الشريف.
ولادته : كانت ولادته بالمدينة المنورة (١) ونشأ بين ربوعها ، وفي آل بيت النبي (صلىاللهعليهوآله) في كنف والده الإمام زين العابدين علي بن الحسين (٢) ورعايته ، ومن البديهي أن يؤثر المحيط الذي نشأ فيه في بناء شخصيته كثيرا مما يجعله يتربى ـ كما سنرى ـ تلك التربية الإسلامية ويتسم بسمات أهل البيت الطاهرين من العقل الثاقب والعلم الزاخر والخلق الباهر وقد تجلت هذه الآثار الروحية على مسيرة حياته كلها ، وامتاز بالزهد والورع والعلم والتعمق في كثير من علوم الإسلام وصلابة في الحق وجهاد في سبيله.
وقد اختلف العلماء في سنة ولادته ، اختلافا شديدا وتباينت أقوالهم تباينا كبيرا ولم يجمعوا فيها على وجه التدقيق ، وأذهلني شدّة ذلك الاختلاف لأنني لم أجد اثنين منهم قد اتفقا على قول واحد من خلال عملية البحث والاستقصاء في كتب التاريخ والتراجم والسير على كل شيء ، فإنه مثلا إذا وجدنا اثنين قد اتفقا على سنة الولادة نجدهما قد اختلفا في اليوم والشهر ـ إلا أننا لا نعير إلى معرفة اليوم والشهر اهتماما ـ فهو خلاف لا يؤثر على معرفتنا بسيرته الشخصية والعلمية (٣) بل ما يهمنا هو سنة الولادة ، وبعد إمعان النظر والتدبر أمكننا الوصول إلى بعض النتائج المتعدّدة للولادة وسنة الوفاة من خلال جمع الأقوال وتقسيمها إلى الفقرات الآتية :
أولا : قال بعض العلماء : إن ولادته كانت سنة ست وخمسين من الهجرة (٤).
__________________
(١) أعلام الورى لأعلام الهدى ، الطبرسي ، ٢٦٤+ عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب ، ابن عنبة الأصفر ، ١٨٤+ صفوة ابن الجوزي ، ٢ / ٦٠.
(٢) لقد عاش الإمام الباقر في كنف أبيه تسع وثلاثين سنة. انظر : أعلام الورى ، الطبرسي ، ٦٥+ كشف الغمة ، ابن أبي الفتح الأربلي ، ٢ / ٣٢٩.
(٣) إن ما عليه أكثر أقوال العلماء إنه توفي في يوم ٧ ذي الحجة ، بينما كانت ولادته ٣ صفر.
(٤) غاية النهاية في طبقات القراء ، ابن الجزري ، ٢ / ٢٠٢+ التاريخ الكبير ، البخاري ، ق ١ / ١ / ١٨٣+ تهذيب التهذيب ، ابن حجر العسقلاني ، ٩ / ٣٥١+ الوافي بالوفيات ، الصفدي ، ٤ / ١٠٢+ شذرات الذهب ، ابن العماد الحنبلي ، ١ / ١٤٩+ دائرة معارف القرن العشرين ، محمد فريد وجدي ، ٣ / ٥٦٣.