المبحث الثالث
رجوعه الى اللغة في التفسير
اللغة هي الأساس في التعبير القرآني ، وإن فهم القرآن الكريم يعتمد أساسا على اللغة فهي أداة التعبير والقرآن نزل بلسان عربي مبين ، فمعرفة اللغة العربية شرط أساس في فهم القرآن (١) ، وبدون الاستناد عليها في فهم القرآن يكون الفهم ناقصا ومعيبا ، كما حذر السلف من ذلك ، يقول مالك بن أنس رضي الله عنه : لا أوتي برجل غير عالم بلغة العرب يفسر كتاب الله إلا جعلته نكالا (٢).
ولهذا فإنّ اللّغة لا يمكن الاستغناء عنها في أي منهج من مناهج التفسير ، وهي لا تعد مصدرا مستقلا بل هي أساس كل المصادر (٣) ، فالتفسير لكي يكون مقبولا يجب أن يعتمد على اللغة ابتداء يقول الطبري في بيان أفضل الطرق لمعرفة كتاب الله وأوضحهم برهانا فيما ترجم وبين ، مما كان مدركا علمه من جهة اللسان ، أمّا بالشواهد من أشعارهم السائرة ، وأما من منطقهم ولغاتهم المستفيضة المعروفة (٤) ، ولهذا كان السلف يحضون على تعلم اللغة العربية كثيرا ، فقد قال الصحابي الجليل أبي بن كعب رضي الله عنه : تعلموا العربية كما تعلمون حفظ القرآن (٥) ، وما حثهم على ذلك إلّا لإدراكهم لضرورة اعتماد اللغة في فهم القرآن الكريم وكان الإمام الباقر يوصي بالرجوع في كثير من الأحيان الى اللغة في بيان معاني وألفاظ القرآن الكريم ، وإليك بعض النماذج مما استقصيناه في رجوع الإمام الى اللغة في التفسير :
١ ـ فسر الإمام الباقر (الدين) في قوله تعالى : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)(٦) فقال : الدين الحساب (٧)
__________________
(١) ظ : القرآن : المعجزة الكبرى ، محمد أبو زهرة ، ٥٨٦.
(٢) البرهان في علوم القرآن ، الزركشي ، ٢ / ١٦٠+ ايضاح الوقف والابتداء ، الانباري ، ١ / ٣٦.
(٣) ظ : القرآن ، المعجزة الكبرى ، الشيخ محمد أبو زهرة ، ٥٨٦.
(٤) جامع البيان ، الطبري ، ١ / ١٤.
(٥) المصنف ، ابن أبي شيبة ، ١٠ / ٤٢٧.
(٦) الفاتحة / ٣.
(٧) التبيان في تفسير القرآن ، الشيخ الطوسي ، ١ / ٣٦+ مجمع البيان ، الطبرسي ، ١ / ٢٤.