وقد ذكر ابن كثير ما يقرب من تسع روايات عن الصحابة والتابعين صرح بضعف أكثرها من حيث السند والمتن وقال بغرابة بعضها الآخر (١). إلا أنه أخرج رواية عن ابن أبي حاتم بسنده عن ابن عباس قريبة جدا من رواية الإمام الباقر المتقدمة وبتغيير طفيف بين ألفاظ الروايتين ولم يختارها ابن كثير أو يصححها بقوله : وقد رواه الحاكم في المستدرك مطولا عن أبي زكريا العنبري بسنده عن حكام بن سلم الرازي وكان ثقة ، ثم قال : صحيح الإسناد ، فهذا أقرب ما روي في شأن نزول الآية والله أعلم (٢).
ولكنه أخرج رواية أخرى عن معروف بن خربوذ المكي عمن سمع أبا جعفر محمد بن علي بن الحسين يقول فيها : السجل ملك ، وكان هاروت وماروت من أعوانه وكان له في كل يوم ثلاث لمحات في أم الكتاب فنظر نظرة لم تكن له فأبصر فيها خلق آدم وما كان فيه من الأمور فأسر ذلك إلى هاروت وماروت وكانا من أعوانه فلما قال تعالى : (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ)(٣) قالا : ذلك استطالة على الملائكة (٤).
وقد علق على هذا الخبر بقوله : هذا أثر غريب وبتقدير صحته إلى أبي جعفر محمد بن علي الباقر فهو نقله عن أهل الكتاب وفيه نكارة توجب رده (٥).
غير أنني تتبعت هذا الخبر في تفاسير الإمامية وكتب الحديث عندهم قديما وحديثا فلم أجد له أثرا هذا من جهة وأن هذا الخبر مقطوع ب (عمن سمع) من جهة أخرى.
ثانيا : قصة آدم (عليهالسلام) وزوجته
أخرج القمي والعياشي بإسنادهما عن عبد الله بن عطاء المكي عن أبي جعفر الباقر عن أبيه عن آبائه عن الإمام علي عن رسول الله (صلىاللهعليهوآله) قال : إنما كان لبث آدم وحواء في الجنة حتى خرجا منها سبع ساعات من أيام الدنيا حتى أكلا من
__________________
(١) ظ : تفسير القرآن العظيم ، ابن كثير ، ١ / ١٣٩ ـ ١٤٢.
(٢) تفسير القرآن العظيم ، ابن كثير الدمشقي ، ١ / ١٤٠.
(٣) البقرة / ٣٠.
(٤) تفسير القرآن العظيم ، ابن كثير الدمشقي ، ١ / ٧١.
(٥) المصر نفسه والصفحة.