وأقبل يناجي ربه في قوم لوط ويسأله كشف العذاب عنهم ، قال تعالى : (يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ)(١)(٢).
وإذا نظرنا إلى هذه الأحداث القصصية المتتابعة والتي استطاع الإمام الباقر أن يصورها بأحسن تصوير وجدنا أن رائده في ذلك القرآن الكريم لا يخرج عن سياقه واخباره في سرد الأحداث والوقائع ، استعان في الكثير من تلك اللقطات القصصية بآيات كاملة من القرآن من هذه السورة وتلك ما دامت هذه الآيات توظف سياقاتها لإبراز الحدث في القرآن الكريم لتصل به إلى ذروته ، فكان الإمام يجري مع تلك الأحداث ديدنه في ذلك مع جميع القصص القرآني والتي روى أحداثها غير آبه ولا ملتفت إلى أخبار أهل الكتاب التي كثر فيها الدس الإسرائيلي المتعمد أو غير المتعمد.
خامسا : قصة يوسف (عليهالسلام)
خير ما يمثل اسهامات الإمام الباقر في القصص القرآني : قصة يوسف (عليهالسلام) وهي التي كثرت فيها الروايات الإسرائيلية والتفصيلات الجزئية التي ما أنزل الله بها من سلطان فلا يؤيدها الشرع ولا العقل ولا المنطق السليم بل زادت فيها الأخيلة اليهودية المريضة ، نجد الإمام الباقر حين يتعرض لبعض جوانبها يبتعد كليا عن المتهم والملفق الواضح من روايات أهل الكتاب ويقتصر على ما يوافق السرد القرآني والسياق الملائم مع منزلة الأنبياء (عليهمالسلام) وتنزيههم ، وإليك تلك القصة :
روى محمد بن مسلم وأبو بصير قالا : سمعنا أبا جعفر الباقر يحدث قال : لما فقد يعقوب يوسف اشتد حزنه عليه وبكاؤه حتى ابيضت عينه
__________________
(١) هود / ٧٦.
(٢) تفسير العياشي ، محمد بن مسعود ، ٢ / ١٥٢ ، ١٥٧ ـ ١٥٨ ، ٢٤٢ ـ ٢٤٧+ تفسير القرآن ، القمي ، ٢ / ٢٢٨ ، ٢٣١ ، ٣٤٨+ بحار الأنوار ، المجلسي ، ٥ / ١٥٢ ، ١٥٣ ، ١٥٨+ الصافي في تفسير القرآن ، الفيض الكاشاني ، ١ / ٩٠٩.