صوت السلسلة فيعلم ما عنى به ، ومنهم من ينبأ في منامه مثل يوسف وإبراهيم ومنهم من يعاين ، ومنهم من ينكت في قلبه ، ومنهم من يوقر في أذنه (١).
وفي هذا النموذج إيضاح لأنواع الوحي أخذ به علماء الأمة ، والإلهام القذف في القلب أجلى أنواعه لقوله (صلىاللهعليهوآله) : إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها (٢).
وقال الإمام الرازي في تفسير قوله تعالى : (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ ...)(٣) وأعلم أن كل واحد من هذه الأقسام الثلاثة وحي إلا أن الله تعالى خصص القسم الأول باسم الوحي لأن ما يقع في القلب على سبيل الإلهام يقع دفعة فتخصيصه به أولى (٤).
وهكذا يتبين لنا من هذه العينة المجتزئة من بعض تفسير الإمام الباقر للآيات المتعلقة بالنبوة جهد علمي رفيع في الكشف عن مفاصلها المعرفية من حيث مشاركته في التفريق بين النبي والرسول وأقواله في علم الأنبياء وعصمتهم وأخيرا في الوحي وأقسامه وإشارة إلى بعض المناهج في تفسير القرآن الكريم.
المبحث الثالث
الإمامة
اختار معظم المسلمين القول بوجوب الإمامة ، ولم يخالف هذا الإجماع إلا النجدات من الخوارج والفوطي والأصم (٥).
غير أنهم قد اختلفوا في جهة وجوبها ، فمنهم من أوجبها عقلا ومنهم من
__________________
(١) تفسير العياشي ، محمد بن مسعود ، ٢ / ١٦٦+ تفسير القرآن ، القمي ، ٢ / ٤٦+ بحار الأنوار ، المجلسي ، ٥ / ١٥.
(٢) الجامع الصغير ، السيوطي ، ١ / ٩٠.
(٣) الشورى / ٥١.
(٤) التفسير الكبير ، الرازي ، ٢٧ / ١٨٧.
(٥) ظ : رأي النجدات في : الملل والنحل ، الشهرستاني ، ٤ / ٧ ورأي هشام الفوطي في : أصول الدين الإسلامي ، البغدادي ، ٢٧١ ـ ٢٧٢ ورأي الأصم في : مقالات الإسلاميين ، الأشعري ، ٢ / ١٣٣.