القول : بأنها أول قضية كبرى اختلف المسلمون حولها بعد الرسول (صلىاللهعليهوآله) (١) ، فإن الذي يتفق عليه المسلمون أن محبة أهل البيت مما ثبت في الدين بالضرورة ، وأن فضلهم وعلمهم وإخلاصهم للإسلام والمسلمين مما لا يشك فيه أحد وعلى هذا القدر من التفضيل يجتمع المسلمون في العالم الإسلامي سلفهم وخلفهم ، ولعل هذا القدر يكفي في توحيد مشاعرهم إزاء تلك الشريحة الطاهرة المطهرة من الرجس بنص الكتاب تكفي قاعدة للتوحد وتقاوم كل بدعة للاختلاف.
أما ما اختلف المسلمون فيه من موضوع وجوب إمامتهم فإن الاستقراء التاريخي يجرنا إلى يقين لا يتطرق إليه شك أنهم لم يحص عليهم حادث واحد أنهم ظلموا أحدا بل كانوا كلهم عطاء في حين شهدت مراحل التاريخ الإسلامي مظالم كثيرة وواضحة ومع ذلك فإن الذي يميل إليه الباحث القول : إن وجوب إمامتهم من أصول المذهب وليس من أصول الدين وعليه لا يكفر القائل بها ولا يكفر المخالف لها.
أما عصمتهم فإن الباحث وهو يصرف النظر عما سيق إليها من أدلة عقلية ونقلية يرى أن الاختلاف فيها لا يشكل خندقا فاصلا بين المؤمنين بها وبين المتحفظين عليها ، ذلك لأن جمهور المسلمين يرون أن ما صح عنهم صحيح علاوة على أن تتبع سيرتهم الشخصية يكشف عن استقامة مثالية تقترب من مفهوم حفظهم بعناية الله تعالى عن ارتكاب الذنوب ، وأيا كان فإن هذين المبحثين أي إمامتهم وعصمتهم من مباحث الكلام ، وقد أفاض فيه المتكلمون ولا نداخلهم هنا إلا بالقدر الذي تطلبه البحث ضرورة.
المبحث الرابع
المعاد
المعاد في اللغة : مأخوذ من العود والعود ، الرجوع إلى الشيء بعد الانصراف عنه (٢) ، وفي الاصطلاح : هو الرجوع إلى الوجود بعد الفناء ، أو رجوع أجزاء
__________________
(١) مقالات الإسلاميين ، الأشعري ، ١ / ٣٩.
(٢) مفردات ألفاظ القرآن ، الراغب الأصفهاني ، ٣٥١.