القائلون بوجوب القصر أدلتهم التي احتجوا بها ـ ومما يبدو ـ كانت أقوى من حجة أدلة القائلين بأن القصر رخصة.
* المطلب الثالث : الزكاة :
هي لغة : تطلق على معنيين : أحدهما : الطهارة ، والآخر : النماء لقوله تعالى : (ذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ)(١) أي إنما ، وإلا كان تأكيدا ، والتأسيس أولى من التأكيد فضلا عن أن الواو تقتضي المغايرة.
وشرعا : هي اسم لحق مالي لله يجب في المال المصروف للفقراء ، ويعتبر في وجوبه شروط منها : ما هو مندوب ومنها ما هو واجب.
وقد وردت عن الإمام الباقر (عليهالسلام) أربع روايات تفسيرية للآيات المتضمنة للزكاة أو أركانها أو مصارفها سنختار اثنتين منها :
أولا : في قوله تعالى : (... وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ ...)(٢).
إن إقام الصلاة هو عبارة عن الإتيان بها تامة الأفعال والشروط ، والظاهر من إيتاء الزكاة أن المراد بها المفروضة المعروفة ، ويشعر بذلك اقترانها بالصلاة ، فيكون ذكرها بعد آتيان المال من قبيل ذكر الخاص بعد العام لشدة الاهتمام والربط بالصلاة.
فقد روى معروف بن خربوذ عن الإمام أبي جعفر الباقر أنه قال : إن الله تبارك وتعالى قرن الزكاة بالصلاة فقال : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ)(٣) فمن أقام الصلاة ولم يؤت الزكاة فلم يقم الصلاة (٤).
ثانيا : في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ)(٥).
__________________
(١) البقرة / ٢٣٢.
(٢) البقرة / ١٧٧.
(٣) النور / ٥٦.
(٤) وسائل الشيعة ، الحر العاملي ، ٤ / ١١+ من لا يحضره الفقيه ، الصدوق ، ١ / ٤١+ فروع الكافي ، الكليني ، ٣ / ٥٠٦+ قلائد الدرر ، الشيخ الجزائري ، ١ / ٢٦٣.
(٥) التوبة / ٣٤.