أولا : جده
هو الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب ، وقد اهتم الإمام السبط في تربية حفيده وأولاه من العناية ما كان يفيض معها من روحه الشريفة على روحه وينزع من خلقه الكريم الذي رباه عليه جده رسول الله (صلىاللهعليهوآله) ليضعه في سجاياه ، فكان الإمام الباقر (عليهالسلام) مزيجا كريما وتفاعلا فاضلا بين ما اكتسبه الإمام الحسين وتعلمه من تجاربه وحياته وبين ما كان يحمله من بعض سجايا وأخلاق رسول الله (صلىاللهعليهوآله) ـ وكان فيما يرويه المؤرخون ـ يجلس الإمام الباقر (عليهالسلام) في حجره ، قال الإمام الباقر : أجلسني جدي الحسين في حجره ، وقال لي : رسول الله (صلىاللهعليهوآله) يقرئك السلام (١).
وفي هذا العمل كان ينقش الجد في ذهن حفيده الصبي أنه سيكون له دور قيادي ينتظره لتحمل أعبائه عند ما يكبر وليكن هذا الدور هو إشاعة العلم في الأمة وإذاعة صنوفه وأنواعه.
وقد شهد الإمام الباقر (عليهالسلام) معركة الطف (سنة ٦١ ه) وعاش محنتها الكبرى وهو لم يتجاوز الرابعة من عمره حيث يقول : قتل جدي الحسين ولي أربع سنين ، وإني لأذكر مقتله وما نالنا في ذلك الوقت (٢).
وقد روى الكثير من وقائعها برواية معاوية بن عمارة الدهني عنه (٣) وروى أبو جعفر محمد بن جرير الطبري (ت : ٣١٠ ه) بسنده عنه بعض صورها وأحداثها (٤).
وعلى أية حال فإن تلك المأساة قد تركت ـ من دون شك ـ في نفسه أعظم اللوعة والحزن وظلت مأساتها وأشجانها ملازمة له طوال حياته.
__________________
(١) مخطوطة تاريخ دمشق ، ابن عساكر ، ج ٥١ / الورقة ٣٨+ سير أعلام النبلاء ، الذهبي ، ٤ / ٤٠٤+ حياة الإمام الباقر ، القرشي ، ١ / ٣١.
(٢) تاريخ اليعقوبي ، اليعقوبي ، ٢ / ٣٢٠+ عيون الأخبار ، ابن قتيبة ، ١ / ٢١٢+ الإرشاد ، الشيخ المفيد ، ٢٩٥+ تذكرة الخواص ، ابن الجوزي ، ١٩٢.
(٣) تاريخ الأمم والملوك ، الطبري ، ٥ / ٣٤٧ ـ ٣٤٩ ـ ٣٨٩ ـ ٣٩٠.
(٤) المصدر نفسه والصفحة.