ثم يرجع فيسأل الناس بكفه فقد هلك أذن ، فقيل له : ما لسبيل عندك يا بن رسول الله (صلىاللهعليهوآله)؟ فقال : السعة في المال وهو أن يكون له ما يحج ببعضه ويبقي بعضا يمون به عياله ، ثم قال : أليس قد فرض الله الزكاة فلم يجعلها إلا على من ملك مائتي درهم (١).
ويرى صاحب المسالك : أن هذه الرواية غير معلومة الصحة لجهالة الراوي وهو أبو ربيع الشامي ، فلو سلم فلا دلالة فيها إلى ما ذهبوا إليه ومقتضاه أن كانت زيادة على نفقة الحج ومعارضة لعموم القرآن وصحاح الأخبار (٢).
أن مقتضى الآية وجوب الحج على المستطيع بالزاد والراحلة وهو اعم من أن يكون مالكا لهما ، فلو بذل له هل يجب عليه؟ أكثر الفقهاء من الإمامية على الوجوب ، فقد روي عن الصادق عن أبيه الإمام الباقر (عليهالسلام) أنه سئل : فإن عرض عليه الحج فاستحى؟ قال هو ممن يستطيع ، ولم يستحي! ولو على حمار اجدع (٣).
أما المذاهب الإسلامية الأخرى فقالوا : وشرط وجوب الحج الاستطاعة أما بنفسه للقادر ، أو بغيره للمعضوب ، فشرط الاستطاعة في حق من يحج بنفسه وجود الزاد والراحلة ومن لم يجدهما وقدر على المشي وله صنعة يكتسب بها ما يكفيه للنفقة استحب له الحج بالاتفاق ، وإن احتاج إلى مسألة الناس كره له الحج ... ومن غصب مالا فحج به أو دابة فحج عليها صح حجه وإن كان عاصيا عند أبي حنيفة ومالك والشافعي (٤).
* المطلب السابع : الجهاد :
الجهاد من الجهد وهو المشقة البالغة ، وشرعا هو بذل النفس والمال لإعلاء كلمة الإسلام وإقامة الشعائر فيدخل فيه قتال الكفار والبغاة (٥).
__________________
(١) المصدر نفسه والصفحة+ مسالك الإفهام ، الشهيد الثاني ، ٢ / ١٠٩.
(٢) مسالك الإفهام ، الشهيد الثاني ، ٢ / ١١٠.
(٣) التهذيب ، الشيخ الطوسي ، ٥ / ٣+ الاستبصار ، الشيخ الطوسي ، ٢ / ١٤٠+ منتقى الجمان ، الشهيد الثاني ، ٢ / ٢٨٧.
(٤) رحمة الأمة ، الدمشقي ، ٩٩+ الجامع لأحكام القرآن ، القرطبي ، ٤ / ١٤٨ ـ ١٤٩.
(٥) كنز العرفان ، المقداد السيوري ، ٢ / ٣.