ثانيا : أبوه
عاش الإمام أبو جعفر الباقر (عليهالسلام) في كنف أبيه زين العابدين علي بن الحسين بن علي ما يزيد على تسع وثلاثين عاما وقد لازمه طوال هذه المدة فلم يفارقه (١) ، وقد تأثر الإمام الباقر (عليهالسلام) بأخلاق أبيه وسجاياه وما طبع عليه هذا الإمام من تقوى وورع وزهد وشدة انقطاع لله وعبادة له ، وانطبع كل ذلك في قرارة نفس الإمام الباقر (عليهالسلام) كيف لا ، وقد شهد لأبيه رجال الفكر والعلم آنذاك على تعظيمه وإكباره وتقديره ، وإليك بعض كلماتهم في حقه لترى مدى تأثر أولئك العلماء بهذا الإمام الجليل ناهيك عن تأثر ابنه الإمام الباقر (عليهالسلام) به :
قال سعيد بن المسيب (ت : ٩٤ ه) : ما رأيت قط أفضل من علي بن الحسين ، وما رأيته إلا مقت نفسي ، ما رأيته يوما ضاحكا (٢).
وقال محمد بن شهاب الزهري : ما رأيت قرشيا أفضل منه (٣) ، وقال أيضا : ما رأيت أفقه من علي بن الحسين (٤).
وقال زيد بن أسلم (ت : ١٣٠ ه) ما رأيت مثل علي بن الحسين (٥).
وقال الخليفة عمر بن عبد العزيز (ت : ١٠١ ه) لما أتاه نعي الإمام : ذهب سراج الدنيا ، وجمال الإسلام ، وزين العابدين (٦).
ما تقدم هو بعض كلمات رجال الفكر والعلم من الأعلام التي عكست انطباعاتهم عن الإمام زين العابدين فقد أقروا جميعا على تقديمه بالفضل والعلم على غيره من علماء عصره ومصره.
__________________
(١) كشف الغمة ، الأربلي ، ٣٣١+ دلائل الإمامة ، ابن رستم الطبري ، ٩٤+ تاريخ الأئمة ، ابن أبي الثلج ، ٥.
(٢) تاريخ اليعقوبي ، اليعقوبي ، ٢ / ٤٦+ البداية والنهاية ، أبو الفداء الدمشقي ، ٩ / ١٠٤+ حياة الإمام الباقر ، القرشي ، ١ / ٣٣.
(٣) تهذيب التهذيب ، ابن حجر العسقلاني ، ٧ / ٣٠٥.
(٤) حلية الأولياء ، الأصفهاني ، ٣ / ٣٠٩+ حياة الإمام الباقر ، القرشي ، ١ / ٣٣.
(٥) طبقات الفقهاء ، الشيرازي ، ٣٤.
(٦) تاريخ اليعقوبي ، اليعقوبي ، ٢ / ٤٨.