* المطلب الثالث : الرهن :
في قوله تعالى : (... وَإِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ ...)(١).
في الآية اشتراط القبض فإن لم يقبض لم ينعقد الرهن بإجماع الإمامية (٢) ، واكثر فقهاء المسلمين ، قال الدمشقي : قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد من صحة شرط الرهن القبض فلا يلزم إلا بالقبض ، ونقل عن مالك أنه يلزم وإن لم يقبض لكن الراهن يجبر على التسليم (٣).
وما ذهب إليه اكثر الفقهاء هو ما دلت عليه رواية الشيخ الطوسي عن محمد بن قيس عن أبي جعفر الباقر قال : لا رهن إلا مقبوضا (٤).
فصيغة النفي والحصر بالاستثناء دال على اشتراط القبض ، لكن ابن إدريس الحلي يرى عدم الاشتراط ويميل إليه العلامة في المختلف والشهيد في المسالك (٥) ، وبذلك تكون دعوى الإجماع في أعلاه محل نظر ، مستندين إلى عموم قوله تعالى : (... أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ...)(٦).
ويذهب ابن إدريس الحلي إلى أن الرواية المتقدمة عن الإمام الباقر (عليهالسلام) ضعيفة ، لسببين : لجهالة محمد بن قيس في سندها ولاشتراكه (٧) ، وقد تقدم في فصل من روى عن الإمام في رسالتنا أنه غير مجهول لأنه الأسدي الثقة ، وبالجملة فالسند قوي ومعتبر ومتن الرواية مطابق للقرآن الكريم ، لكن من جهة الدلالة أن خبر (لا) النافية للجنس استحبابي أي لا رهن كاملا ، وعموم المسألة محل نقاش بين علماء الإمامية.
__________________
(١) البقرة / ٢٨٣.
(٢) قلائد الدرر ، الشيخ الجزائري ، ٢ / ٢٩٥.
(٣) رحمة الأمة ، الدمشقي ، ١٤٧.
(٤) التهذيب ، الشيخ الطوسي ، ٢ / ١٦٦+ وسائل الشيعة ، الحر العاملي ، ٦ / ١٢٣.
(٥) ظ : المختلف ، العلامة الحلي ، ٢ / ٤٦+ السرائر ، ابن إدريس ، ٢ / ١١٣+ مسالك الإفهام ، الشهيد الثاني ، ٢ / ١٣٢.
(٦) المائدة / ١.
(٧) السرائر ، ابن إدريس ، ٢ / ١١٣.