ثم يقول في تفسير الآية : وهو تعبير لطيف عن قوة الرابطة ، فالذي يسلم منهم على قريبه أو صديقه يسلم على نفسه ، والتحية التي يلقيها عليه هي تحية من عند الله ، تحمل ذلك الروح وتفوح بذلك العطر ، وتربط بينهم بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها ، وهكذا ترتبط قلوب المؤمنين بربهم في الصغيرة والكبيرة (١).
وقال صاحب الميزان : فقوله (فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ) المراد فسلموا على من كان فيها من أهلها وقد بدل من قوله (عَلى أَنْفُسِكُمْ) للدلالة على أن بعضهم من بعض فإن الجميع إنسان وقد خلقهم الله من ذكر وأنثى على أنهم مؤمنون والإيمان يجمعهم ويوحدهم أقوى من الرحم وأي شيء آخر (٢).
وبعد أن استعرضنا أقوال جملة من المفسرين قدامى ومحدثين نستطيع أن نرجح تفسير الإمام الباقر (عليهالسلام) لسببين ، الأول : أن الطبري قد صوبه ومال إليه في قوله : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب من قال : معناه : فإذا دخلتم بيوتا من بيوت المسلمين ، فليسلم بعضكم على بعض ، قال : وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب ، لان الله جل ثناؤه قال : (فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً) ولم يخصص من ذلك بيتا دون بيت ، وقال : (فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ) يعني : بعضكم على بعض ، فكان معلوما إذ لم يخصص ذلك على بعض البيوت دون بعض أنه معني بها جميعها (٣).
والسبب الثاني الذي دعانا إلى ترجيح تفسير الإمام : هو أن جملة من المفسرين المحدثين كما تقدم قد رجحوه ومالوا إليه.
عاشرا : في الأمانة ومحاسنها
الأمانة : هي أداء ما اؤتمن عليه الإنسان من الحقوق ، وهي بالضد من الخيانة ، وهي من أنبل الصفات واشرف الفضائل ، بها يحرز المرء الثقة والإعجاب وينال الشرف والسؤدد (٤).
__________________
(١) في ظلال القرآن ، سيد قطب ، ١٨ / ١٢٥.
(٢) الميزان في تفسير القرآن ، محمد حسين الطباطبائي ، ١٥ / ١٦٥.
(٣) جامع البيان ، الطبري ، ١٨ / ١٧٢ ـ ١٧٣.
(٤) ظ : أدب الصحبة والمعاشرة ، الغزالي ، ٢٥٤+ أخلاق أهل البيت ، مهدي الصدر ، ١١٨ ـ ١٢٠.