خامسا : اهتمامه الشديد في تفسير آيات الأحكام
عند ما اتسعت الرقعة الإسلامية ، وطالت الفترة الزمنية بين الناس وبين انقطاع الوحي ، وظهرت وقائع وأحداث في العالم الإسلامي حتمت على علماء الأمة أن يولوا آيات الأحكام الكثير من عنايتهم واهتمامهم ، كان الإمام الباقر (عليهالسلام) واحدا من أولئك الأعلام الذي تصدوا لتفسير آيات الأحكام واستنباط ما يمكن استنباطه منها ، من حكم شرعي يعالج موضوعا فقهيا معينا أو فتوى فقهية تضع حلا لمشكلة وقعت أو حادثة نزلت ، فكانت أبواب الفقه الإسلامي جميعا تكاد لا تخلو من رأي أو قول للإمام الباقر (عليهالسلام) يشارك فيه باستجلاء الحكم المستفاد من تلك الآيات ، وشكلت آراؤه تلك ثروة فقهية أغنت الفقه الإسلامي وشاركت في حل الكثير من معضلات الأنام.
وقد صار بذلك تفسيره متسما بطابع فقهي مميز ، جعل العلماء يعدون الإمام الباقر (عليهالسلام) من فقهاء التابعين البارزين في المدينة المنورة ، وقد وضحنا ذلك في كلامنا على جهوده في تفسير آيات الأحكام.
المبحث الثالث
مقارنة آرائه مع آراء غيره وانفراداته
كانت آراء الإمام الباقر (عليهالسلام) في فهم بعض الآيات القرآنية مخالفة لآراء غيره من مفسري الصحابة والتابعين أو موافقة لها ، فلذلك سنضرب بعض الأمثلة التي قصدنا فيها إعطاء صورة واضحة عن مدى التوافق والاختلاف بينه وبين غيره في الكشف عن مراد بعض الآيات لنظهر مدى أصالة تفسيره من جهة والمصدر الذي كان يستقي الإمام منه تلك الآراء والأقوال وهم آباؤه الطاهرون والصحابة الكرام من جهة أخرى ، مما جعل بعض المفسرين أن يرجحوا ويوافقوا تلك الأقوال المأثورة عنه في التفسير ، ولم يكن ترجيحهم ذلك تخمينيا ، وإنما جاء لاعتمادهم على قواعد الترجيح وأصوله.