وسيكون تمثيلنا لبعض آرائه التي خالف أو وافق فيها غيره ، وكذلك لآرائه التي لم يرد فيها قول من مفسري الصحابة أو التابعين على السواء.
أولا : الآراء التي خالف فيها غيره ، وهي كثيرة منها
١ ـ في قوله تعالى : (كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً ...)(١).
فقد اختلف في المراد بالناس هنا الذين كانوا أمة واحدة ثم اختلفوا بعد ذلك ، وما هو الأمر الذي كانوا عليه؟
ـ قال ابن عباس رضي الله عنه : إن الناس كانوا بين نوح وآدم عشرة قرون على شريعة من الحق فاختلفوا.
ـ ذهب أبي بن كعب رضي الله عنه إلى : أن المراد بالناس : بنو آدم حين أخرجهم الله نسا من ظهر آدم أي : كانوا على الفطرة.
ـ ذهب الطبري إلى جواز القولين وإمكان الوقتين ، لأنه لا دلالة من القرآن ، ولا من السنة في تعيين أحد الوقتين ، ولكنه صوب أن يكون هذا الذي كانوا عليه هو الدين الحق كما هو رأي أبي (٢).
وفي المجمع عن أبي جعفر الباقر (عليهالسلام) إنه قال : كانوا قبل نوح أمة واحدة على فطرة الله لا معتدين ولا ضلالا فبعث الله النبيين (٣).
معنى ذلك : أنه كانوا على سذاجة الفطرة لا مهتدين بالهداية التشريعية ، ولا ضلالا بضلالة الكفر لعدم إتمام الحجة بالرسل وعدم حدوثها بعد ، فلما بعث الله الرسل وأتم الحجة بهم اختلفوا وتفرقوا.
٢ ـ قوله تعالى : (وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)(٤).
__________________
(١) البقرة / ٢١٣.
(٢) جامع البيان ، الطبري ، ٢ / ٣٣٤+ المحرر الوجيز ، ابن عطية ، ٢ / ١٥١+ تفسير القرآن العظيم ، ابن كثير الدمشقي ، ١ / ٣٤٤.
(٣) مجمع البيان ، الطبرسي ، ٢ / ٣٠٧.
(٤) البقرة / ١٢٦.