وبينا فيما سبق أن المفسرين قد صوبوا رأي الإمام الباقر (عليهالسلام) ، إذ إلزام المنافقين بالفرائض هو المطلوب لأن التعامل معهم عمدته الظاهر ، ورجحناه أيضا لما فيه من بعد نظر وإصابة ، وهو يعد من انفراداته في التفسير ولعل في هذا القدر من الأمثلة كفاية في بيان مقارنة آرائه وبيان قوتها ومدى اعتماد المفسرين عليها وترجيحهم لها ، وإلا فان معظم ما نقل عنه من أقوال وآراء فسر فيها مثلا آيات الأحكام يعد مما انفرد به الإمام الباقر (عليهالسلام) في التفسير ، أكان موافقا لآراء من جاء بعده أم مخالفا ، وقد عقدت فصلا مستقلا لجهوده في تفسير آيات الأحكام فيما تقدم.
المبحث الرابع
أثره في غيره
عرف الإمام الباقر (عليهالسلام) بسعة علومه ومعارفه ، وذاع صيته بين التابعين وشاع أمره بين الناس ، فاقبل بعض المعاصرين له عليه ، يروون عنه ويأخذون من علمه ، ويستفتونه فيما يحدث بينهم من قضايا ومسائل تحتاج إلى وضع حل أو إصدار فتوى عجز عنها الكثيرون ، فرحل إليه طلاب العلم من الأمصار الإسلامية واخذوا عنه علما غزيرا ، وكان من جملة ما اخذوا تفسير القرآن الكريم فقد كانوا يسألونه عن بعض الآيات الكريمة التي غمض عليهم معناها أو أشكل عليهم فهمها ، أو يسمعونه يفسر آية أو يشرح كلمة من كتاب الله ، وقد انتشر هؤلاء التلاميذ فيما بعد في الأمصار الإسلامية ، بعد ما تحملوا عنه تفسير كتاب الله الذي علموه للناس ونشروه بينهم حتى عرف بعضهم به وصار من أئمة التفسير.
عاش الإمام الباقر (عليهالسلام) في المدينة المنورة ، فلم يخرج منها ، وكان يعقد مجالسه العلمية في مسجدها يستفتيه الناس في مسائلهم ، ويسألونه عن تفسير القرآن الكريم.
وكان في المدينة المنورة والكوفة اتجاهان في تفسير كتاب الله :