الاتجاه الأول :
ويمكن أن نسميه بالاتجاه العام ، الذي نبغ فيه جملة من المفسرين واشتهروا فيه وكانت لهم قدم راسخة في تحصيل مفرداته ، وقد بين ابن تيمية مكانة أهل المدينة وأهل الكوفة في ذلك العصر بقوله : كان أعلم الناس به أهل مكة لأنهم أصحاب ابن عباس ... وكذلك أهل الكوفة من أصحاب ابن مسعود ... وعلماء أهل المدينة في التفسير مثل زيد بن اسلم الذي اخذ عنه مالك التفسير ، وأخذه عنه أيضا ابنه عبد الرحمن ، وعبد الله بن وهب (١).
وقد كان هناك ـ أي في المدينة ـ غير زيد بن اسلم مثل : محمد بن كعب القرظي المعروف بالتفسير أيضا وغيرهما ، ممن لهم آراء في التفسير ولكنها قليلة كعروة بن الزبير (٢) ، وسعيد بن المسيب (٣) ، والزهري (٤) ، وأبي الزناد (٥).
أما في الكوفة التي قامت مدرستها على الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود (ت : ٣٢ ه) فقد كان صاحب مصحف معروف ، وكان مفسرا للقرآن ، وحافظا له ، ومقرئا فيه ، وكان هناك جملة من تلامذته منهم : علقمة بن قيس (ت : ٦١ ه) ومسروق بن الأجدع (ت : ٦٣ ه) والأسود بن يزيد (ت : ٧٥ ه) وعامر الشعبي (ت : ١٠٥ ه) وأمثالهم من المفسرين الأول لنتف من آيات القرآن سائرة في ركاب علم الحديث.
الاتجاه الثاني :
ويمكن أن نسميه بالاتجاه الخاص ؛ والذي تمثل بآل البيت وخاصة الإمام علي بن الحسين زين العابدين والإمام محمد بن علي الباقر والإمام جعفر بن محمد الصادق ، وكان لهم تلامذتهم الكثيرون ، غير إنني سأقتصر على ذكر من تأثر منهم بالإمام الباقر ونقل عنه آراءه في التفسير.
__________________
(١) مقدمة في أصول التفسير ، ابن تيمية ، ٧١ ـ ٧٢.
(٢) ظ : مشاهير علماء الأمصار ، البستي ، ٦٤.
(٣) ذكره ابن تيمية في المفسرين التابعين ، ظ : مقدمة في أصول التفسير ، ١٠١.
(٤) وكان موصوفا بأنه عالم بالقرآن والسنة ، ظ : تذكرة الحفاظ ، الذهبي ، ١ / ١٠٩+ الإمام الزهري وأثره في السنة ، أستاذنا الدكتور حارث سليمان الضاري ، ١٦٥ ـ ١٦٦.
(٥) ظ : تذكرة الحفاظ ، الذهبي ، ١ / ١٣٤ ـ ١٣٥.