الإخوان المؤمنين ، فقد ورد في حلية الأولياء بسنده عن عبيد الله بن الوليد قال : قال لنا أبو جعفر محمد بن علي : أيدخل أحدكم يده في كم صاحبه فيأخذ ما يريد؟ قلنا : لا. قال : فلستم بإخوان كما تزعمون (١).
وروى غير واحد من العلماء هذا الخبر المتقدم عن الحجاج بن أرطأة قال : قال أبو جعفر محمد بن علي : يا حجاج كيف تواسيكم؟ قلت : صالح يا أبا جعفر ، قال : يدخل أحدكم يده في كيس أخيه فيأخذ حاجته إذا احتاج إليه؟ قلت : أما هذا فلا ، فقال : أما لو فعلتم ما احتجتم (٢).
وكان كثيرا ما يتعوذ من البخل ، ومن بوائقه لأنه من حبائل الشيطان ودسائسه ، وكان يوصي الناس أيضا بالتعوذ من هذه الصفة الرذيلة التي تبعد العبد عن ربه وتجعله كالبهيمة أو هو أضل سبيلا.
المبحث الخامس
وصاياه ، ومواعظه ، وبعض أقواله الخالدة
لقد كانت للإمام الباقر (عليهالسلام) رغبة أكيدة واستعداد نفسي واضح للوعظ والإرشاد وتعليم الناس طرق الهداية ، وتحذيرهم من طرق الغواية ، فكان دائما ينذر ويحذر ويدعو ويرشد ، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، يخاف على الناس مثل ما يخاف على نفسه من الغفلة وترك السنة ، فيقف واعظا الخاصة والعامة ، يوصي الناس حاكمين ومحكومين ، وإذا ما أزمة ألمت هرع إليه الكثير يريدون رأيه ونصحه ويستطلعون موقفه ويطلبون توجيهه.
وقد كانت وصاياه ومواعظه حافلة بالقيم الكريمة ، زاخرة بالمثل العليا ، متوفرة على جملة من آداب السلوك والتوجيه الصحيح الذي يحمي الناس من الانحراف والوقوع في مزالق الغواية والضلالة.
__________________
(١) حلية الأولياء ، الأصفهاني ، ٣ / ١٨٧+ صفوة الصفوة ، ابن الجوزي ، ٢ / ٦٣.
(٢) مخطوطة تاريخ دمشق ، ابن عساكر ، ج ٥١ / الورقة ٥٤+ كشف الغمة ، الأربلي ، ٢ / ٣٣٣+ الفصول المهمة ، ابن الصباغ المالكي ، ١٩٧.