* المطلب الأول : وصاياه :
نستطيع أن نقسم وصايا الإمام الباقر (عليهالسلام) إلى ما أوصى به ابناه ، وما أوصى به بعض الخلفاء في عصره ، وإلى ما أوصى به بعض العلماء وتلامذته.
أولا : وصيته للإمام جعفر الصادق
قد زود الإمام الباقر (عليهالسلام) ولده جعفر الصادق بجملة من الوصايا القيمة نختار واحدة منها للتمثيل والاستدلال ، ولما زخرت به من روائع الحكم وجمعت من مقومات الآداب والسلوك ، فقد قال الإمام أبو جعفر لولده : يا بني إن الله خبأ ثلاثة أشياء في ثلاثة أشياء : خبأ رضاه في طاعته ، فلا تحقرن من الطاعة شيئا فلعل رضاءه فيه ، وخبأ سخطه في معصيته فلا تحقرن من المعصية شيئا فلعل سخطه فيه ، وخبأ أولياءه في خلقه فلا تحقرن أحدا فلعله ذلك الولي (١).
حفلت هذه الوصية بجملة من الأمور منها : الترغيب في طاعة الله والحث عليها ، والتحذير من المعصية والتشديد فيها ، والحث على عدم الاستهانة بالناس أيا كان موضعهم ومهما كانت طبقتهم بل فيها أمر بتكريمهم وإظهار معالم الاحترام لهم.
ثانيا : وصيته لبعض ولده
وفي وصية أخرى له يوصي بها بعض ولده فيقول : يا بني إذا أنعم الله عليك نعمة فقل : الحمد لله وإذا أحزنك أمر فقل : لا حول ولا قوة إلا بالله ، وإذا أبطأ عنك رزقك فقل : أستغفر الله (٢).
في هذه الوصية أوجز الإمام الباقر (عليهالسلام) كل معالم التقوى وأركان الصبر والإنابة من الذنب في كلمات قليلة كانت خير نبراس لمن أراد الالتزام بها واتخاذها منهجا حياتيا ، وهي صالحة لكل زمان ومكان لتخطيها حدودهما ، فكان الإمام الباقر (عليهالسلام) يريد أن يقول يجب على العبد أن ينقطع لله تبارك وتعالى مهما كانت حالة ذلك العبد من الشكر على النعمة والصبر على المكروه والتوكل على الله.
__________________
(١) الفصول المهمة ، ابن الصباغ المالكي ، ١٢٩.
(٢) الموفقيات ، الزبير بن بكار ، ٣٩٩+ البيان والتبيين ، الجاحظ ، ٣ / ٢٠٨.