المبحث الأول
حثه على طلب العلم وأقواله في العلم والعلماء
كانت حياة الإمام الباقر (عليهالسلام) حافلة بأعمال جليلة ومآثر عظيمة ، فقد فتحت في عصره معاهد العلم وعقدت فيه مجالس البحث لدراسة الفقه والحديث والفلسفة والتفسير وسائر العلوم الأخرى ، وكانت حلقة دراسة تنعقد في المسجد النبوي الشريف وتضم كبار التابعين وأعيان الفقهاء في المدينة المنورة ، وكان له فضل لا يستهان به مع جهود العلماء الآخرين في إنارة مجالس البحث وحلقات الدرس.
وقد اهتم الإمام الباقر (عليهالسلام) في تبيين ما للعلم والعلماء من فضل ، وما في طلب العلم وآداب العلم من فضيلة لأنه بات واضحا أن العلم هو الدعامة الأولى الذي ترتكز عليه الأمم والشعوب في رقيها وتقدمها الحضاري ، وتلك ميزة تضاف إلى مزايا الإمام الباقر (عليهالسلام) بوصفه أحد مصادر الوعي والتوجيه للأمة الإسلامية آنذاك.
أولا : بيانه لفضل العلم ومكانته
نراه أولا يبين فضل العلم ومكانته السامية عند الله سبحانه وتعالى وعند العقلاء إذ روي عنه أنه قال : تعلموا العلم فإن تعلمه جنة ، وطلبه عبادة ، ومذاكرته تسبيح ، والبحث عنه جهاد ، وتعليمه صدقة ، وبذله لأهله قربة ، والعلم منار الجنة ، وأنس الوحشة ، وصاحب في الغربة ، ورفيق في الخلوة ، ودليل على السراء ، وعون على الضراء ، وزين عند الأخلاء ، وسلاح على الأعداء ، يرفع الله به قوما ليجعلهم في الخير أئمة يقتدى بفعالهم ، وتقتص آثارهم ، ويصلي عليهم كل رطب ويابس وحيتان البحر وهوامه ، وسباع البر وأنعامه (١).
__________________
(١) تذكرة ابن حمدون ، ٢٦+ معالم العلماء ، ابن الشهيد الثاني ، ١٦.