في قوله : إذا جلست إلى عالم فكن على أن تسمع أحرص منك على أن تقول ، وتعلم حسن الاستماع كما تتعلم حسن القول ولا تقطع على أحد حديثه (١).
إذن لا بد لطالب العلم من حسن الإنصات لما يسمع من شيخه أو معلمه وإلا فاته الكثير ولم يظفر إلا بالقليل.
ولكن الإمام الباقر (عليهالسلام) لم يجعل حسن الاستماع هو كل ما يجب أن يفعله المتعلم إزاء العالم بل حث على السؤال من أهل العلم ، ليقينه بأن إثارة الأسئلة في حلقة الدرس يعني الكثير من المناقشة وبالتالي بعني الإفادة للسائل والمسئول في أن واحد ، وهذه المسائل لا تحتاج إلى مزيد توضيح فنراه يقول : العلم خزائن والمفاتيح السؤال ، فاسألوا يرحمكم الله ، فإنه يؤجر في العلم أربعة : السائل والمتكلم والمستمع والمحب لهما (٢).
خامسا : تحذيره من إضاعة العلم
وحذر الإمام الباقر (عليهالسلام) من إضاعة العلم بالمعنى المحسوس ، وأحد أوجه أضاعته عنده هو كثرة الضحك ، وما كثرته إلا مذهبة لوقار العالم وهيبته فإذا سلب العالم وقاره ذهب علمه فقد قال بهذا الصدد : إياكم وكثرة الضحك ، فإنه يمج العلم مجا (٣).
سادسا : بذل العلم وإشاعته
إذا اكتملت في طالب العلم آدابه وقطع أشواطا في تحصيله وجب عليه بذله ، فدعا الإمام الباقر (عليهالسلام) إلى بذل العلم وإشاعته بين الناس حتى لا يبقى جاهل في المجتمع قدر الإمكان ، فيوجههم إلى هذا المعنى في قوله : إن الذي تعلم العلم منكم له أجر مثل الذي يعلمه ، وله الفضل عليه ، تعلّموا العلم من حملة العلم ، وعلموه إخوانكم كما علمكم العلماء (٤).
__________________
(١) ناسخ التواريخ ، محمد تقي الكاشاني ، ٢ / ٢٠٥.
(٢) المصدر نفسه والصفحة.
(٣) الطبقات الكبرى ابن سعد ، ٥ / ٣٢٢.
(٤) ناسخ التواريخ ، محمد تقي الكاشاني ، ٢ / ٢٠٥.