سابعا : ما يجب تحصيله من العلوم عند الإمام الباقر (عليهالسلام)
يحدد الإمام الباقر (عليهالسلام) الطريق الذي يجب على طالب العلم أن يسير عليه في حياته العلمية ، فيرى الإمام أن التفقه في الدين ومعرفة الحلال والحرام هو العلم المطلوب معرفته وتحصيله ، لأن ما من كمال يصل إليه الإنسان إلا به ، فنراه يوجه أنظار طلابه إليه فيقول : الكمال كل الكمال ، التفقه في الدين ، والصبر على النائبة ، وتقدير المعيشة (١).
وذلك لأن التفقه في الدين مما يحفظ توازن الإنسان ويقوم سلوكه ويبعده عن اقتراف أي انحراف عن الدين ، ولأن المحصلة النهائية لكل ما يتعلمه الإنسان أن يربطه بحياته العملية لئلا يكون مذموما بين الناس إذا خالف سلوكه علمه أو العكس ، فنجد الإمام الباقر (عليهالسلام) يوجه أنظار المتعلمين إلى وجوب تطبيق ما تعلموه وعلموا على واقع حياتهم العملية فيقول : إذا سمعتم العلم فاستعملوه ، ولتتسع قلوبكم ، فان العلم إذا كثر في قلب رجل لا يحتمله قدر الشيطان عليه ، فإذا خاصمكم الشيطان فاقبلوا عليه بما تعرفون ، فان كيد الشيطان كان ضعيفا ، فقال له ابن أبي ليلى : وما الذي نعرفه؟ فقال الإمام خاصموه بما ظهر لكم من قدرة الله (عزوجل) (٢).
ويقترن دائما قبول العمل بالمعرفة ، فمن يعمل من دون معرفة الله والتسليم لأمره ولا للواجب الذي يؤديه فلا أثر أو نفع لعمله ، فقد قال الإمام الباقر (عليهالسلام) في هذا الصدد : لا يقبل عمل إلا بمعرفة ، ولا معرفة إلا بعمل ومن عرف دلته معرفته على العمل ، ومن لا يعرف فلا عمل له (٣).
ثامنا : تحذيره من المباهاة في طلب العلم
يطالعنا الإمام الباقر (عليهالسلام) في نص آخر محذرا أشد ما يكون التحذير من المباهاة في طلب العلم ، يحث فيه أهل العلم أن يجهدوا أنفسهم على التقرب به إلى الله تعالى ، وأن يلتمسوا به الدار الآخرة. فطلب العلم عنده ليس للتباهي
__________________
(١) الخصال ، الشيخ الصدوق ، ٢٢٣.
(٢) جامع السعادات ، النراقي ، ١ / ١٠٦+ أصول الكافي ، الكليني ، ١ / ٤٥.
(٣) تحف العقول ، ابن شعبة الحراني ، ٢٩٤.