فإذا كان الأمر كذلك فيما بينهم ـ وهم أصحاب الكتب الأربعة ـ فكيف بالمتأخرين منهم المجدّدين لفكرة تنويع الأحاديث ، والنظر في الأسانيد الواردة في كافة الكتب.
وهذا بحث واسع متشعّب الأطراف نكتفي منه بهذا المقدار بمناسبة المقام ، فمن أراد التوسّع فيه فليراجع مظانّه من كتب الدراية والرجال.
والخلاصة : إنّ المحقّقين من الإمامية يبنون على أنّ وجود أيّ حديث في أيّ كتاب من كتب الشيعة لا يبرر بمجرّده الأخذ به والاعتقاد بصحّة مدلوله ، إذ ليس عندهم كتاب التزم فيه مؤلّفه بالصحّة أبدا ، بحيث يستغني بذلك الباحث عن النظر في أسانيد أحاديثه والفحص عن رجاله وما قيل فيهم من الجرح والتعديل.
وهذا بخلاف أهل السنّة ، فإنّ لهم كتبا سمّوها ب «الصحاح» وأهمها عند أكثرهم (صحيح البخاري) اعتقد جمهورهم بصحّة ما اخرج فيها ، وقالوا في كتبهم الرجالية : من خرّج له في الصحيح فقد جاز القنطرة ، كما التزم أصحابها وبعض أصحاب «المسانيد» في كتبهم بالصحّة.
٣ ـ لا تجوز نسبة معتقد صاحب الكتاب إلى الطائفة
الثالث : إنّه على فرض وجود هكذا كتاب لدى الشيعة ، فإنّه لا يجوز أن ينسب معتقد مؤلّفه إلى الطائفة كلّها ، لأنّه قد يكون قوله بصحّة تلك الأخبار أو
__________________
الصدور ، بل ليس كلها صحيحا ، وأثبت أنّ المتقدّمين من المحدّثين أيضا كانوا يعتقدون نفس هذا الاعتقاد بالنسبة إلى (الاصول) و (الكتب الأربعة) ، واستنتج من جميع ذلك : أنّ أخبار هذه الكتب لا بدّ من النظر في سند كل منها ، فإن توفّرت فيه شروط الحجّية اخذ به وإلّا فلا ، كما فعل الشيخ المجلسي والمحدّث الجزائري بالنسبة إلى (الكافي) و (التهذيب).