فالذي نريد أن نقوله هنا هو : إنّ احتمال الدسّ والتزوير يدفع حجّية كلّ خبر ، ويمنع من الاعتماد عليه ، ويفسد اعتباره «حتى ما كان منها صحيح الإسناد ، فإنّ صحّة السند وعدالة رجال الطريق انّما يدفع تعمّدهم الكذب دون دسّ غيرهم في اصولهم وجوامعهم ما لم يرووه» (١).
وإذ انتهينا ممّا مهّدناه نقول : إنّ الذي أنتجه بحثنا الطويل وفحصنا الدقيق في كتب الشيعة الإمامية هو : أنّ المعروف والمشهور بينهم هو القول بعدم تحريف الكتاب ، فإنّه رأي أعلام هذه الطائفة ، منذ أكثر من ألف سنة حتى يومنا الحاضر ، بين مصرّح بذلك ومؤلّف فيه ومؤوّل لما ينافيه بظاهره ، بل هو رأي من كتب في الإمامة ولم يتعرّض للتحريف.
نكات في كلام الشيخ الصّدوق
وإنّ من أهمّ الكلمات في هذا الباب قولا وقائلا كلمة الشيخ محمد بن علي ابن بابويه الملقّب بالصدوق المتوفّى سنة (٣٨١) المتقدّمة في (الفصل الأول) وذلك :
أولا : لقرب عهده بزمن الأئمة عليهمالسلام وأصحابهم ، فلو كان الأئمة وتلامذتهم قائلين بالتحريف لما قال ذلك.
وثانيا : لكونه من علماء الحديث بل رئيس المحدّثين ، فلو كانت الأحاديث الظاهرة في التحريف مقبولة لدى الطائفة لما قال ذلك.
وثالثا : لأنّها كلمة صريحة وقاطعة جاءت في رسالة اعتقادية كتبها على ضوء الأدلّة المتينة من الكتاب والسنّة ، في حال أنّه بنفسه يروي بعض أخبار
__________________
(١) الميزان في تفسير القرآن ١٢ : ١١٥.