المائدة : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى) وقوله تعالى : (إِنْ هذانِ لَساحِرانِ) قالا : ذلك خطأ من الكاتب ، وقال عثمان : إنّ في المصحف لحنا وستقيمه العرب بألسنتها ، فقيل له : ألا تغيّره؟! فقال : دعوه فإنّه لا يحلّ حراما ولا يحرّم حلالا. وعامّة الصحابة وأهل العلم على أنّه صحيح» (١).
وإذا ما قارنت بين هذا الموقف وموقف الطائفة الثالثة من هذه الأحاديث ، وأساليبهم في ردّها ، أمكنك نسبة القول بالتحريف إلى هذين العالمين الجليلين وأمثالهما من أهل السنّة ...
التصريح بوقوع التحريف
بل في علماء أهل السنّة من يعتقد بتحريف القرآن الكريم وينادي به بأعلى صوته ... إمّا اعتمادا على ما روي في كيفيّة جمع القرآن ، وإمّا اعتقادا بصحّة كل ما اخرج في كتابي البخاري ومسلم ، وإمّا إنكارا لنسخ التلاوة ... وعلى كلّ حال ... فقد ذهب جماعة منهم إلى القول بسقوط شيء من القرآن ، قال الرافعي ما نصّه : «... فذهب جماعة من أهل الكلام ـ ممّن لا صناعة لهم إلّا الظنّ والتأويل واستخراج الأساليب الجدليّة من كلّ حكم وكلّ قول ـ إلى جواز أن يكون قد سقط عنهم من القرآن شيء ، حملا على ما وصفوا من كيفيّة جمعه» (٢).
وقال القرطبي : «قال أبو عبيد : وقد حدّثت عن يزيد بن زريع ، عن عمران بن جرير ، عن أبي مجلز ، قال : طعن قوم على عثمان رحمهالله ـ بحمقهم ـ
__________________
(١) السراج المنير ١ : ٣٤٥ لمحمد بن أحمد الخطيب الشربيني الفقيه الشافعي المفسّر ، توفي سنة ٩٧٧ ، له ترجمة في الشذرات ٨ : ٣٨٤.
(٢) إعجاز القرآن : ٤١.