أحاديث جمع القرآن بين الردّ والتأويل
وأمّا الأحاديث التي رووها حول جمع القرآن ، المتضاربة فيما بينها ، والتي اعترف بعضهم كمحمد أبو زهرة بوجود روايات مدسوسة مكذوبة فيها (١) فقد يمكن الجمع بينها ، ثمّ رفع التنافي بينها وبين أدلّة عدم التحريف والبناء على أنّ القرآن مجموع في عصر النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وبأمر منه ... وإليك بيان ذلك بالتفصيل :
مراحل الجمع
لقد تضاربت روايات أهل السنّة حول جمع القرآن ، وعلى ضوئها اختلفت كلمات علمائهم ... والمتحصّل من جميعها : أنّ الجمع للقرآن كان على مراحل ثلاث ؛ الاولى : على عهد النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ حيث كتب في الرقاع والعسب ... والثانية : على عهد أبي بكر ، وكان بانتساخه من العسب والرقاع وغيرها وجعله في مكان واحد ... والثالثة : على عهد عثمان ، والذي فعله ترتيبه وحمل الناس على قراءة واحدة ... هذا ما كادت تجمع عليه كلماتهم.
والجمع في عهد النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ كان «حفظا» و «كتابة» معا ، أمّا حفظا فإنّ الّذين جمعوا القرآن في عهد النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ كثيرون (٢). وأمّا كتابة فإنّ القرآن لم يكن كاملا في الكتابة على عهده عند الّذين
__________________
(١) المعجزة الكبرى : ٣٣.
(٢) مباحث في علوم القرآن : ٦٥.