وإنّ عمل زيد لم يكن كتابة مبتدأة ولكنّه إعادة لمكتوب ، فقد كتب في عصر النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ، وإنّ عمله لم يكن عملا آحاديا بل كان عملا جماعيا (١).
وأمّا المصاحف التي أمر بتحريقها ـ قال بعضهم ـ : «فإنّها ـ والله أعلم ـ كانت على هذا النظم أيضا ، إلّا أنّها كانت مختلفة الحروف على حسب ما كان النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ سوّغ لهم في القراءة بالوجوه إذا اتّفقت في المعنى ـ وإن اختلفت في اللفظ ـ» (٢).
قال : «ويشهد بذلك ما روي عن محمد بن كعب القرظي ، قال : رأيت مصاحف ثلاثة : مصحفا فيه قراءة ابن مسعود ، ومصحفا فيه قراءة ابيّ ، ومصحفا فيه قراءة زيد. فلم أجد في كلّ منها ما يخالف بعضها بعضا» (٣).
وهكذا تندفع الشبهة الرابعة.
ردّ أحاديث نقصان القرآن :
وأمّا أحاديث نقصان القرآن فالمعروف بينهم حملها على نسخ التلاوة ، لئلا يلزم ضياع شيء من القرآن ، ولا الطعن فيما أخرجه الشيخان وما رواه الأئمّة الأعيان ، وقد ذكروا لها أيضا وجوها من التأويل سنذكرها.
ولكن ـ مع ذلك ـ نجد فيهم من يطعن في بعض تلك الأحاديث ، فعن ابن الأنباري في : «ابن آدم لو اعطي واديا» ، ورواية عكرمة : «قرأ عليّ عاصم
__________________
(١) المعجزة الكبرى : ٣٣.
(٢) مقدّمتان في علوم القرآن : ٤٥.
(٣) مقدّمتان في علوم القرآن : ٤٧.