ثمّ إنّه ـ عليهالسلام ـ رتّب القرآن الكريم ودوّنه بعيد وفاة النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ من القراطيس التي كان مكتوبا عليها ، فكان له مصحف تامّ مرتّب يختصّ به كما كان لعدّة من الصحابة في الأيام اللاحقة ، وهذا من الامور المسلّمة تاريخيا عند جميع المسلمين (١) ومن جلائل فضائل سيّدنا أمير المؤمنين ... فلما ذا لم يستفيدوا منه؟!.
ولعلّ إعراض القوم عن مصحف علي هو السبب في قدح ابن حجر العسقلاني (٢) ومن تبعه كالآلوسي (٣) في الخبر الحاكي له .. مع أنّ هذا الأمر من الامور الثابتة الضرورية المستغنية عن أيّ خبر مسند .. لكنّ هؤلاء يحاولون توجيه ما فعله القوم أو تركوه كلّما وجدوا إلى ذلك سبيلا ..!!
ثمّ إنّه لما ذا لم يدعوا الإمام ـ عليهالسلام ـ ولم يشركوه في جمع القرآن؟! فإنّا لا نجد ذكرا له فيمن عهد إليهم أمر جمع القرآن في شيء من أخبار القضية ، لا في عهد أبي بكر ولا في عهد عثمان .. فلما ذا؟! ألا ، إنّ هذه امور توجب الحيرة وتستوقف الفكر!!
حصرهم الجامعين على عهد النبوة في عدد!!
وبعد : فإنّ التحقيق ـ كما عليه أهله من عامّة المسلمين ـ أنّ القرآن قد كتب
__________________
(١) انظر : فتح الباري ٩ : ٩ ، الاستيعاب ـ ترجمة أبي بكر ـ ، الصواعق : ٧٨ ، الإتقان ١ : ٩٩ ، حلية الأولياء ١ : ٦٧ ، التسهيل لعلوم التنزيل ١ : ٤ المصنّف لابن أبي شيبة ١ : ٥٤٥ ، طبقات ابن سعد ٢ : ٣٣٨.
(٢) فتح الباري ٩ : ٩.
(٣) روح المعاني ١ : ٢١.