فقد قال السيد المرتضى : «ومثال نسخ التلاوة دون الحكم غير مقطوع به لأنّه من خبر الآحاد ، وهو ما روي أنّ من جملة القرآن : الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتّة ، فنسخت تلاوة ذلك. ومثال نسخ الحكم والتلاوة معا موجود في أخبار الآحاد وهو ما روي عن عائشة ...» (١).
وقد تبعه على ذلك غيره (٢).
لا دليل على أنّ هذه الآيات منسوخة
الثاني : وعلى فرض تمامية الكبرى فإنّه لا دليل على أنّ هذه الآيات التي حكتها الآثار المذكورة منسوخة ، إذ لم ينقل نسخها ، ولم يرد في حديث عن النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ في واحد منها أنّها منسوخة ، ولقد كان المفروض أن يبلّغ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ الامّة بالنسخ كما بلّغ بالنزول.
فقد ورد في الحديث أنّه قال لابيّ : «إنّ الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن» فقرأ عليه (آية الرغبة) ، فلو كانت منسوخة ـ كما يزعمون ـ لأخبره بذلك ولنهاه عن تلاوتها ، ولكنّه لم يفعل ـ إذ لو فعل لنقل ـ ولذا بقي ابيّ ـ كما في حديث آخر عن أبي ذرّ ـ يقرأ الآية بعد رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ معتقدا بكونها من آي القرآن العظيم.
ونازع عمر ابيّا في قراءته (آية الحميّة) وغلّظ له ، فخصمه ابيّ بقوله : «لقد علمت أنّي كنت أدخل على النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ويقرئني وأنت بالباب ، فإن أحببت أن أقرئ الناس على ما أقرأني وإلّا لم أقرئ حرفا ما
__________________
(١) الذريعة إلى اصول الشريعة ١ : ٤٢٨.
(٢) البيان في تفسير القرآن : ٣٠٤.