أصحّ الكتب بعد كتاب الله العزيز» (١).
وقال الجلال السيوطي : «وذكر الشيخ ـ يعني ابن الصلاح ـ أنّ ما روياه أو أحدهما فهو مقطوع بصحّته ، والعلم القطعي حاصل فيه. قال : خلافا لمن نفى ذلك ، محتجّا بأنّه لا يفيد إلّا الظنّ ، وإنّما تلقّته الامّة بالقبول لأنّه يجب عليهم العمل بالظنّ والظنّ قد يخطئ ، قال : وكنت أميل إلى هذا وأحسبه قويّا ، ثمّ بان لي أن الذي اخترناه أوّلا هو الصحيح ، لأنّ ظنّ من هو معصوم عن الخطأ لا يخطئ ، والامّة في إجماعها معصومة من الخطأ ، ولهذا كان الإجماع المبني على الاجتهاد حجّة مقطوعا بها ، وقد قال إمام الحرمين : لو حلف إنسان بطلاق امرأته أنّ ما في الصحيحين ـ ممّا حكما بصحّته ـ من قول النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ ألزمته الطلاق ، لإجماع علماء المسلمين على صحّته.
قال المصنّف : وخالفه المحقّقون والأكثرون فقالوا : يفيد الظنّ ما لم يتواتر. قال في شرح مسلم : لأنّ ذلك شأن الآحاد ، ولا فرق في ذلك بين الشيخين وغيرهما ، وتلقّي الامّة بالقبول إنّما أفاد وجوب العمل بما فيهما من غير توقّف على النظر فيه ، بخلاف غيرهما فلا يعمل به حتى ينظر فيه ويوجد فيه شروط الصحيح ، ولا يلزم من إجماع الامّة على العمل بما فيهما إجماعهم على القطع بأنّه كلام النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ. قال : وقد اشتدّ إنكار ابن برهان على من قال بما قاله الشيخ ، وبالغ في تغليطه.
وكذا عاب ابن عبد السلام على ابن الصلاح هذا القول وقال : إنّ بعض المعتزلة يرون أنّ الامّة إذا عملت بحديث اقتضى ذلك القطع بصحّته ، قال : وهو مذهب رديء.
__________________
(١) علوم الحديث لأبي الصلاح. وعنه في مقدّمة فتح الباري : ٨.