دفع الشبهات عن نهج البلاغة :
لقد نال موضوع تصحيح نهج البلاغة منزلة من الوضوح وتنورت أطرافه من حيث كثرة الأسانيد لحد لم يدع مجالاً للمتقوِّلين عليه فيما بحثنا عنه ؛ إلا أن البعض ممن ركبوا العصبية ونكبوا عن النهج قد يضربون عن كل هذه الحجج والدلائل صفحاً ويتشبثون بشبهات واهية :
الشبهة الأولى : كثرة الخطب وطولها وتعذر الحفظ والضبط في أمثالها ، فإن الخطب الطوال يصعب حفظها وتذكر الفاظها بعد الأجيال.
والجواب عنها : أنها ليست بأعجب من رواية المعلقات السبع والقصائد الأخرى من الأوائل ومن الخطب والمأثورات الضافية التي رويت عن النبي المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم وعن غيره ممن تقدم عليه زمانه أو تأخر ، في حين أن العناية بالحفظ والكتابة كانت في زمن الراشدين أهم وأعظم مما قبله ، ونعتوا ابن عباس بأنه كان يحفظ القصائد الطوال لأول مرة من سماعها وكان مثله في عامة العرب كثيراً ولا يزال حتى اليوم ، والاعتناء بحفظ خطب الإمام كان أكثر حتى قال مدرس دار العلوم المصرية في كتاب علي عليهالسلام ص ١٢٥ : إن الأدباء والمؤرخين الذين تقدموا الشريف الرضي كانوا يعتقدون أن خطب الإمام عليهالسلام كانت بضع مئات ، وحكي عن المسعودي أربعمائة ونيفاً وثمانين خطبة.
الشبهة الثانية : إسناد بعض الخطب المروية في النهج إلى القطر