رِحْلاتُهُ :
كانَتْ رِحْلاتُهُ إلى بِلادِ الإِسلامِ جُزْءاً مِنْ مَشارِيعِهِ الإصْلاحيَّةِ وَعَمَلاً مُتمِّماً لِمواقِفِهِ الجِهاديَّةِ التي سُداها وَلُحْمتُها تَعزِيزُ النَّهْضَةِ الإسلاميَّةِ وَتوحيْدُ أهْل التَّوحِيدِ والدَّعْوَةُ إلى الرُّجُوع إلى تَعاليْمِ الشَّرِيْعَةِ الغَرَّاءِ بالانْتِهالِ مِنْ أصْفَى مَنابِعها وَامْتِيارِ اللُّبابِ مِنْ أحْكامِها الإلهيةِ الرَّشيدَةِ والثَّورةُ على الْجُمُودِ وَالتَوَاكُلِ وإطلاعُ (الرأي العامّ) على مَحاسِنِ أسْرارِ التَّشريعِ الإسلامِيّ وَبَيانُ مَزاياهُ وَما تَفَرَّدَ بِهِ مِنْ دَقائِقِ الحِكَم وحَقائِقِ الاعتقاداتِ وَبُلُوغِهِ الذّرْوَةَ في كَمالِ الاتِّساقِ والمُواءَمَةِ للجِبِلَّةِ الإنْسانِيَّةِ ، إذْ إنَّهُ (دِيْنُ الفِطْرَةِ) وَهادِيْ البَشَرِيّةِ إلى كُلِّ ما فيه سعادَتُهُم الدُّنيويَّةُ والأُخرَويَّةُ ، كما كان مِنْ وراءِ هذهِ (الرِّحلات) غايَةٌ أخرى بَعِيدةُ المَدى مَوفُوْرَةُ العَوائِدِ وَهِيَ الوُقُوْفُ عَلى أحْوالِ الشُّعُوبِ وَمَعْرِفَةُ (الأنْظِمَةِ السَّائِدَةِ) فِيْها واسْتِجلاءُ عاداتِها وتَقَاليدِها وَدِراسَةُ أحْوالِ المُسْلِمينَ مِنْ خِلالِ الجَوْسِ في رُبُوعِها معَ الاسْتِفادَةِ مِنْ بَعضِ ما يُمكِنُ الاسْتِفادةُ مِنهُ مِنْ وَسائِلِ التَّجْديدِ و (التَطَوُّر) وَمُشاوَرَةُ (أهْلِ العَقْدِ وَالْحَلِّ) في تَعْضِيد سُبٌلِ التّعاوُنِ وَمَدِّ طُرُقِ التَّواصُلِ بيْنَها وَبَيْنَ العِراقِ الَّذي ما انفَكَّ يَنُوءُ بأعباءِ مُخَلَّفاتِ الحُرُوبِ وَبَقايا السَّيطَرَةِ الأجنَبيَّةِ وإن لبِسَتْ ثَوْباً آخرَ على سَبيلِ التَّمويهِ والاستِغْفالِ.
كانَ الابتداءُ بها من النَّجَف الأشْرَفِ في شَهْرِ رَمَضانَ مِنْ سَنَةِ (١٣٣٠ هـ) وآبَ مِنْها إلى النَّجَف في رَجَبٍ من سنة (١٣٣٢ هـ)، وقد زارَ أكْثَرَ من سِتّينَ بَلْدةً ، ووُفِّقَ في أثْنائِها لِتَشْكِيلِ إحدَى عَشَرَةَ مُؤَسَّسةً على اخْتِلافِ