وَفاتُهُ :
بَعْدَ هذا العُمُرِ الحافِلِ بِجلائلِ الأعْمالِ وَرِوائِعِ الآثارِ لَبَّى هذا العَلَمُ الفَذُّ والفَقِيْهُ المُصْلِحُ نِداءَ رَبّه حَيْثُ وافاهُ أجَلُهُ المَحْتُومُ فَجْرَ يَومِ الإثْنَيْنِ ٢٥ شوّال مِنْ سنة ١٣٨٦ هـ الموافق لليوم السادس مِنْ شباط عام ١٩٦٧ م عن عُمُرٍ ناهَزَ الخامِسَةَ والثَّمانِيْنَ سَنَةً.
وَشَيَّعَتْ بَغْدادُ عالِمَها الأكبَرَ تَشْييْعاً مَهِيْباً ، مَنْ المَسْجِدِ المَعرُوفِ بـ(مَسْجِد بَراثا) (١) إلى الكاظِميَّةِ.
__________________
(١) بَراثا ، بفتح الباء ـ لا بِضَمّها كما شاع خَطأً ـ والّذي وأفادَهُ التحقيقُ أنَّ هذا المَسْجِدَ هُوَ (مَشْهَدُ المِنْطقَة) الَّذي اشْتَرى الإمامُ أميرُ المؤمنين عَلِيّ عليهالسلام أرْضَهُ بـ(مِنْطَقَتِهِ) وَبنى فيه مَسْجِداً وصَلَّى فِيْهِ ، وَكانَ مَوْضِعُهُ يُعْرَفُ بـ(العتيقة) و (سُوْنايا) وَمَوقِعُهُ بَيْنَ (بابَ الشَّعِيرُ) و (طاق الحَرّاني) وَبِجِوارِهِ كانَتْ تَقَعُ مَحلَّة (باب البَصْرَةِ) التي كانَ أغْلَبُ أهْلِها مِنِ الحنابِلَة ، وإلى جِوارِهِ مِنْ جهة دجْلَةَ كان يَقَعُ (المارستانُ العَضُديّ) الذي موْضِعُهُ اليَوْمَ مَحَلَّهُ (العُطَيْفِيَّة).
و (مَشْهَدُ المِنْطَقَة) هذا ذكَرَهُ مُؤرِّخُ بَغْداد وَحافِظُها في عَصْرِهِ عَليُّ بنُ أَنْجَبَ المعروفُ بابنِ السّاعي (ت ٦٧٤ هـ) في كتابِهِ (المقابِر المَشْهُورَةُ والمشاهِدُ المزُوْرَة) أي المقصودَةِ بالزِيارة. وهذا الكِتابُ حَقّقتَهُ العالِمُ الفاضِلُ الدكتور أحْمَد شوفي بنبين المغْربيُّ وهُو بصَددِ طَبْعِهِ وأرْسَلَ إلَيَّ مُصَوَّرَتَهُ صَديقُنا العَلّامةُ المحَقِّقُ الدكتور الشَّيْخ عبد الحكيم مُحَمَّد باب البَصْرة. والكَرْخ كان قَبْلَ بِناءِ بَغْدادَ وَقَدْ رَوَتِ الشِّيعةُ أنَّ عَليَّاً عليهالسلام اشْتَرى موْضِعَهُ بمنطقتِهِ وَجَعَلَهُ مَسْجداً وَصَلّى فيه ويقصدهُ الشيعةُ يَومَ الغديرِ ويكثر الناسُ حَوْلَهُ للزِّيارَةِ ...).
كتابه (مَراصِد الاطّلاع) أمّا في مادّة (العتيقة) أو في مادّة (سُوْنايا).
وكانَ أهْلُ بَغْداد يعرفونه إلى عصرنا الأخير بـ(المنطقة) لكنهم يَلفظُونَهُ (المنطكَة)