الجامعون لخطب الإمام قبل الرضي :
يظن من أشرف على مجموعة الشريف الرضي قبل أن يبحث عما كتبه السلف أن الشريف الرضي هو أول مَنْ دَوَّنَ الْخُطَبَ أَو هو أول جامع الخطب الإمام عليهالسلام.
ولكن يجب أن يعلم بالحاجة الشديدة التي مست المسلمين عامة في بدء توسع الحضارة الإسلامية فدفعتهم إلى حفظ الكلام البليغ واستكتابه ، إذ كانت العرب قبل حضارتها تتوجه إلى الكلام البليغ من شعر وخطبة وحكمة فتحفظ ما تعيه ولا تجهل فائدة ذلك ، إلا أنهم بعد التوسع في الحضارة شعروا بالحاجة القوية إلى براعة اللسان والقلم ، وأن الواحد منهم يُقَدَّرُ بلسانه لا بطيلسانه ، وترفع منزلته في دواوين الدولة على قدر مقدرته الإنشائية ، وينال الزلفي لدى الملوك والأمراء حسب مبلغه من بلاغة الكلام ومبلغ حفظه للكلم الممتاز والحكم العالية.
هذه وغير هذه دفعت العرب إلى جَمْعِ النوادر والخطب ، وكان أمير المؤمنين عليه السلام في مقدمة المشهورين بنوادر الحكم وطرائف الكلم ، فآثر الناس جمع المأثور عنه على غيره إذ كان الإعجاب ببلاغته أعظم والمأثور عنه أوفر.
وقد ظَفِرْتُ بكثير ممن جمعوا خطب الإمام عليهالسلام في أعصار قبل الشريف الرضي ـ أي من أبناء المائة الأولى والمائة الثانية والمائة الثالثة ما بعدها ـ أقدم للقارئ الكريم أسماءهم رفعاً للشبهة وتقوية للحجة وخدمة للتاريخ كي لا يستوحش أحد من الخطب المجموعة من الشريف