ذلك منكوس القلب ؛ فإنما عنيا بذلك من يقرأ السورة منكوسة فيبتدئ بآخرها إلى أولها ، فإن ذلك حرام محظور (١).
وقد كان جبريل يقرأ جميع ما نزل من القرآن على الرسول صلىاللهعليهوسلم مرّة في كلّ سنة. وفي السّنة التي توفّي فيها رسول الله صلىاللهعليهوسلم قرأ جبريل القرآن كله على الرسول مرّتين. عن عائشة رضي الله عنها عن فاطمة عليهاالسّلام [أسرّ إليّ النّبيّ صلىاللهعليهوسلم أنّ جبريل يعارضني بالقرآن كلّ سنة وأنّه عارضني العام مرّتين ولا أراه حضر إلّا أجلي](٢) وعن أبي هريرة قال : [كان يعرض على النّبيّ صلىاللهعليهوسلم القرآن كلّ عام مرّة فعرض عليه مرّتين في العام الّذي قبض](٣).
فعرض جبريل القرآن على الرسول صلىاللهعليهوسلم كلّ عام مرّة معناه عرض ترتيب آياته بالنسبة لبعضها ، وترتيب آياته في سورها ، لأن عرض الكتاب معناه عرض جمله وكلماته وترتيبه ، وعرضه مرّتين في العام الذي توفّي فيه الرسول صلىاللهعليهوسلم ، معناه كذلك عرض ترتيب آياته بالنسبة لبعضها. وترتيب آياته في سورها ويمكن أن يفهم كذلك من الحديث عرض ترتيب سوره بالنسبة لبعضها.
__________________
(١) فضائل القرآن : ص ٤٢ / دار الأندلس / الطبعة الرابعة.
(٢) عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، قالت : أقبلت فاطمة تمشي كأنّ مشيتها مشي النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : [مرحبا يا ابنتي] ثم أجلسها عن يمينه ثمّ أسرّ إليها حديثا ، فبكت! فقلت لها : لم تبكين؟ ثمّ أسرّ إليها حديثا فضحكت ، فقلت : ما رأيت اليوم فرحا أقرب من حزن ، فسألتها عمّا قال. فقالت : [ما كنت لأفشي سرّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم] ، حتّى قبض النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فسألتها. فقالت : [أسرّ إليّ أنّ جبريل كان يعارضني القرآن كلّ سنة مرّة ، وإنّه عارضني العام مرّتين ، ولا أراه إلّا حضر أجلي ، وإنّك أوّل أهل بيتي لحاقا بي] فبكيت. فقال : [أما ترضين أن تكوني سيّدة نساء أهل الجنّة! أو نساء المؤمنين!] فضحكت لذلك. رواه البخاري في الصحيح : كتاب المناقب : الحديث (٣٦٢٣ و ٣٦٢٤). وفي الحديث (٦٢٨٥ و ٦٢٨٦) فيه تفصيل.
(٣) عن أبي حصين عن ذكوان عن أبي هريرة قال : كان يعرض على النّبيّ صلىاللهعليهوسلم القرآن كلّ عام مرّة ، فعرض عليه مرّتين في العام الّذي قبض فيه ، وكان يعتكف في كلّ عام عشرا ، فاعتكف عشرين في العام الّذي قبض فيه. رواه البخاري في الصحيح : كتاب فضائل القرآن : باب كان جبريل يعرض القرآن : الحديث (٤٩٩٨).