فهذا الحديث يدل على أن القرآن لم يكن مجموعا فإذا أضيف إلى ذلك اختلاف ترتيب مصاحف الصحابة ، دلّ على أن ترتيب السّور بالنسبة لبعضها كان باتفاق من الصحابة.
جمع القرآن :
لقد ثبت بالدليل اليقينيّ الجازم أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم حين التحق بالرفيق الأعلى كان القرآن كله مكتوبا في الرّقاع والأكتاف والعسب واللّخاف ، وكان كله محفوظا في صدور الصحابة رضوان الله عليهم. فقد كانت تنزل الآية أو الآيات فيأمر حالا بكتابتها بين يديه ، وكان لا يمنع المسلمين من كتابة القرآن غير ما كان يمليه على كتّاب الوحي.
عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : [لا تكتبوا عنّي ، من كتب عنّي غير القرآن فليمحه ، وحدّثوا عنّي ولا حرج ، ومن كذب عليّ متعمّدا فليتبوّأ مقعده من النّار](١).
وكان ما يكتبه كتّاب الوحي مجموعا في صحف قال تعالى : (رَسُولٌ مِنَ اللهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً)(٢) أي يقرأ قراطيس مطهّرة من الباطل فيها مكتوبات مستقيمة قاطعة بالحقّ والعدل ، وقال الله تعالى : (كَلَّا إِنَّها تَذْكِرَةٌ (١١) فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ (١٢) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (١٤) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥) كِرامٍ بَرَرَةٍ)(٣) أي إنّ هذه التذكرة مثبتة في صحف مكرّمة عند الله مرفوعة المقدار منزّهة عن أيدي الشياطين ، قد كتبت بأيدي كتبة أتقياء.
__________________
(١) رواه مسلم في الصحيح : كتاب الزهد : باب التثبت في الحديث وحكم كتاب العلم : الحديث (٧٢ / ٣٠٠٤). والإمام أحمد في المسند : ج ٣ ص ٥٦ وبلفظ [سوى القرآن] : ج ٣ ص ٢١ و ٣٩. والدارمي في السنن : باب من لم ير كتابة الحديث من المقدمة : الحديث (٤٥٠) بلفظ [إلّا القرآن].
(٢) البيّنة / ٢.
(٣) عبس / ١١ ـ ١٥.