كتابته على اللوح للتعليم أو غير ذلك مما يكتب في غير المصاحف ، فهو جائز لأن الإقرار من الرسول والإجماع من الصحابة حصل في المصحف وحده دون غيره ، ولا يقاس عليه لأنه أمر توقيفي لغير علّة ، فلا يدخله القياس.
فصل منه : أنّ الرّسول محمّدا صلىاللهعليهوسلم لم يكن يكتب :
الجزم أو التأكيد بأن الرسول سيدنا محمّدا صلىاللهعليهوسلم كان يعرف أشكال الحروف لا يستساع ، لأن الأحاديث التي جاءت في الباب ضعيفة لا تقوّي لمدّع حجة ، ثم لاختلاف العلماء في تأويل الأحاديث التي جاءت في كتابة الرسول صلىاللهعليهوسلم ، وفهمها على وجه أنه لم يكتب أقوى وأكثر حجّة. ثم لورود الخبر بأنه لا يحسن الكتابة ؛ والأمر مثار جدل لمن يريد ، والأخذ مع مراد دلالات الخطاب الشرعي في الباب أولى وأسلم.
قال القاضي عياض : وردت آثار تدلّ على معرفة حروف الخط وحسن تصويرها كقوله لكاتبه : [ضع القلم على أذنك فإنّه أذكر لك] وقوله لمعاوية : [ألق الدّواة وحرّف القلم وأقم الياء وفرّق السّين ولا تعور الميم] وقوله [لا تمدّ بسم الله]. وهذا وإن لم يثبت أنه كتب فلا يبعد أن يرزق علم وضع الكتابة ، فإنه أوتي علم كل شيء. وأجاب الجمهور بضعف هذه الأحاديث (١). ونقل القرطبيّ ؛ قال : قال القاضي عياض : وهذا وإن لم تصحّ الرواية أنه صلىاللهعليهوسلم كتب فلا يبعد أن يرزق علم هذا ، ويمنع من القراءة والكتابة (٢). قلت : وفي هذا تفصيل والتفات نباهة للعلماء رحمهمالله.
١. حديث زيد بن ثابت قال : دخلت على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وبين يديه كاتب فسمعته يقول : [ضع القلم على أذنك فإنّه أذكر للمملي] قال أبو عيسى : هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، وهو إسناد ضعيف ، وعنبسة بن عبد الرحمن ومحمد بن زاذان يضعّفان في الحديث (٣).
__________________
(١) فتح الباري : ج ٧ ص ٦٤١ : شرح الحديث ٤٢٥٢.
(٢) الجامع لأحكام القرآن : ج ١٣ ص ٣٥٣.
(٣) الجامع الصحيح للترمذي : كتاب الاستئذان : باب (٢١) : الحديث (٢٧١٤).