بعضها بعضا. وإنما معنى كتب وأخذ القلم ، أي أمر من يكتب به من كتّابه ، وكان من كتبة الوحي بين يديه صلىاللهعليهوسلم ستّة وعشرون كاتبا (١).
٣. الصحيح في الباب أن الرسول صلىاللهعليهوسلم ما كتب ولا حرفا واحدا ، ولا قرأ. وإنما أمر أن يكتب الكتاب ، وهذا مقتضى فهم النصوص على السجية من غير تكلّف ، قال القرطبي : هذا هو الصحيح في الباب أنه صلىاللهعليهوسلم ما كتب ولا حرفا واحدا ، وإنما أمر من يكتب وكذلك ما قرأ ولا تهجّى.
فإن قيل : فقد تهجّى النبي صلىاللهعليهوسلم حين ذكر الدجّال ، فقال : [مكتوب بين عينيه كافر](٢) وقلتم إنّ المعجزة قائمة في كونه أميّا ؛ قال الله تعالى : (وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ) الآية وقال ـ أي النبي صلىاللهعليهوسلم ـ : [إنّا أمّة أمّيّة لا نكتب ولا نحسب](٣) فكيف هذا؟ فالجواب ما نصّ عليه صلىاللهعليهوسلم في حديث حذيفة ، والحديث
__________________
(١) الجامع لأحكام القرآن : ج ١٣ ص ٣٥٣.
(٢) عن جابر بن عبد الله قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : [إنّه مكتوب بين عيني الدّجال كافر يقرؤه كلّ مؤمن]. مسند الإمام أحمد : ج ٣ ص ٣٢٧. وعن عمر بن ثابت الأنصاري أنه أخبره بعض أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال يوم حذر الناس الدجال : [إنّه مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه من كره عمله أو يقرؤه كلّ مؤمن] صحيح مسلم : كتاب الفتن وأشراط الساعة : الحديث (٩٥ / ١٦٩) من أحاديث الدجال. ولفظ التهجي جاء عند أنس بن مالك [مكتوب بين عينيه ك ف ر أي كافر] وفي لفظ [مكتوب بين عينيه كافر ثمّ تهجّاها كافر يقرؤه كلّ مسلم] ولربما كان المتهجّي هو أنس بن مالك وليس رسول الله صلىاللهعليهوسلم. لأن الحديث في طرقه عن جابر بن عبد الله وعمر بن ثابت الأنصاري وعبد الله بن عمر عن أبيه ليس فيه ذكر التهجي والله أعلم. ينظر : مسند الإمام أحمد : ج ٥ ص ٤٣٣ وفي ج ٦ ص ١٣٩ عن أم المؤمنين عائشة بلفظ [مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه كلّ مؤمن] من حديث طويل تفرد به الإمام أحمد. وعن حذيفة أخرجه مسلم والطبراني في المعجم الكبير : الحديث (٣٠١٨) : ج ٣ ص ١٦٧.
(٣) صحيح البخاري : كتاب الصوم : باب قول النبي صلىاللهعليهوسلم لا نكتب ولا نحسب : الحديث (١٨١٣) وصحيح مسلم : كتاب الصيام : الحديث (١٥ / ١٠٨٠) وسنن أبي داود : الحديث (٢٣١٩) وسنن النسائي : كتاب الصوم : ج ٢ ص ١٣٩ ـ ١٤٠.