كالقرآن يفسّر بعضه بعضا. ففي حديث حذيفة [يقرؤه كلّ مؤمن كاتب وغير كاتب](١) ؛ فقد نصّ في ذلك على غير الكتّاب ممن يكون أمّيّا. وهذا من أوضح ما يكون.
ثم قلت : من المقطوع به أمّيّة النبي الرسول سيدنا محمّد صلىاللهعليهوسلم بما وصفه به ربّ العالمين فقال الله عزوجل : (فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِماتِهِ)(٢) وتقرير الله عزوجل لمحاججة أهل الكتاب ووصفهم المسلمين بالأمّيين قال الله عزوجل : (قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ)(٣) وقوله عزوجل (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ)(٤) ، فعموم الأمّية في الأمة التي بعث فيها الرسول خصوص لتقرير أمّيته صلىاللهعليهوسلم. ولقد نهينا عن تكلّف ما لم يكلّفنا به الله. ولهذا كله لا يستساع التسليم أو الجزم بأن الرسول صلىاللهعليهوسلم كان يعرف أشكال الحروف.
إعجاز القرآن :
القرآن هو اللّفظ المنزّل على سيّدنا محمّد صلىاللهعليهوسلم بما يدلّ عليه من معانيه ، فالقرآن هو اللفظ والمعنى معا. فالمعنى وحده لا يسمّى قرآنا ، واللفظ وحده لا يتأتّى أن يكون دون معنى مطلقا ، لأن أصل الوضع في اللفظ إنما هو للدلالة على معنى معيّن. ولذلك وصف القرآن بوصف لفظه ، فقال الله عنه إنه عربيّ حيث قال (إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا)(٥) وقال (كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا)(٦) وقال (قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ)(٧)(أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا)(٨)(إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا)(٩).
__________________
(١) مسند الإمام أحمد : ج ٥ ص ٣٨٦ وصحيح مسلم : كتاب الفتن وأشراط الساعة : باب ذكر الدجال : الحديث (١٠٥ / ٢٩٣٤). ولفظه : [مكتوب بين عينيه كافر ؛ يقرؤه كلّ مؤمن كاتب وغير كاتب].
(٢) الأعراف / ١٥٨.
(٣) آل عمران / ٧٥.
(٤) الجمعة / ٢.
(٥) يوسف / ٢.
(٦) فصلت / ٣.
(٧) الزمر / ٢٨.
(٨) الشورى / ٧.
(٩) الزخرف / ٣.