الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ)(١) تجده يبدع في النثر المسجّع ويسجع فيقول : (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ (٢) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (٣) وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ (٤) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (٥) وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (٦) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ)(٢).
وتجده يتسامى في الازدواج ويزدوج فيقول : (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ (١) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ (٢) كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٤) كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (٥) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ)(٣) وتجده يطيل الازدواج فيقول : (قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ (١٧) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (١٨) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (١٩) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (٢٠) ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ (٢١) ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ (٢٢) كَلَّا لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ (٢٣) فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ (٢٤) أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا (٢٥) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (٢٦) فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا (٢٧) وَعِنَباً وَقَضْباً (٢٨) وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً (٢٩) وَحَدائِقَ غُلْباً (٢٠) وَفاكِهَةً وَأَبًّا)(٤) وبينما يسير في سجعة معينة إذا هو يعدل عنها إلى سجعة أخرى ، فبينما يكون سائرا بالسّجع هكذا (فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (٨) فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (٩) عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ) إذا هو يعدل في الآية التي بعدها مباشرة فيقول : (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً (١١) وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً (١٢) وَبَنِينَ شُهُوداً (١٣) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً (١٤) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (١٥) كَلَّا إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً (١٦) سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً) ثم يعدل عن هذه السّجعة إلى غيرها في الآية التي بعدها مباشرة فيقول : (إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (١٨) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (١٩) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (٢٠) ثُمَّ نَظَرَ (٢١) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (٢٢) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ)(٥).
وهكذا تتبع جميع القرآن لا تجده ملتزما شيئا مما في أسلوب العرب من شعر أو نثر على مختلف أنواعهما ولا يشبه أيّ قول من أقوال العرب ، ولا يشبهه أيّ قول من أقوال البشر.
ثم إنك تجد أسلوبه واضحا قويّا جميلا يؤدّي المعاني بكيفيّة من التعبير تصوّر المعاني أدّق تصوير. فتجده حين يكون المعنى رقيقا يقول : (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً (٢١)
__________________
(١) المائدة / ٤١.
(٢) المدثر / ١ ـ ٧.
(٣) التكاثر / ١ ـ ٦.
(٤) عبس / ١٧ ـ ٣١.
(٥) المدثر / ٨ ـ ١٠.