الخطاب ، إن هذا لهو التكلّف (١) وروي عن عمر أيضا أنّه كان على المنبر فقرأ (أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ) ثمّ سأل عن معنى التّخوّف؟ فقال له رجل من هذيل : التّخوّف عندنا التّنقّص (٢).
وفوق ذلك ففي القرآن آيات كثيرة لا يكفي في تفهّمها معرفة ألفاظ اللغة وأساليبها ، وإنما تحتاج إلى معلومات عن بعض ألفاظها ، لأنّ هذه الألفاظ تشير إلى مدلولات معيّنة مثل قوله تعالى : (وَالذَّارِياتِ ذَرْواً)(٣)(وَالْعادِياتِ ضَبْحاً)(٤)(إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)(٥)(وَالْفَجْرِ (١) وَلَيالٍ عَشْرٍ)(٦) إلى غير ذلك من الآيات التي تشير إلى معاني معهودة. وهناك آيات يحتاج فهمها إلى معرفة أسباب النّزول.
وفي القرآن آيات محكمة واضحة المعنى ، وهي الآيات التي تتعلق بأصول الدّين من العقائد وخاصّة الآيات المكية غالبا ، والآيات التي تتعلّق بأصول الأحكام
__________________
(١) الآية ٣١ من سورة عبس. رواه ابن جرير في التفسير : الرقم (٢٨١٨٧) ، قال ابن كثير : إسناده صحيح. ولفظه عند السيوطي في الدر المنثور : قال : مه نهينا عن التكلّف ، أو ما كلّفنا هذا أو ما أمرنا بهذا. وقال : أخرجه عبد بن حميد وابن الأنباري في المصاحف ، وابن مردويه. ينظر : الدر المنثور في التفسير المأثور : ج ٨ ص ٤٢٢. والجامع لأحكام القرآن للقرطبي : ج ١٩ ص ٢٢٣.
(٢) الآية ٤٧ من سورة النحل. والأثر وصله الطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد : الرقم (١٦٣٣٤) ، أو أنه عن عمر رضي الله عنه ، فإنه روي عنه بإسناد مجهول : جامع البيان للطبري : الرقم (١٦٣٣١) ، وروي من طريق سعيد بن المسيب : بينما عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر ، قال : يا أيّها الناس ، ما تقولون في قول الله عزوجل : (أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ) فسكت الناس ؛ فقال شيخ من بني هذيل : هي لغتنا يا أمير المؤمنين ؛ التخوّف التنقّص. فخرج فقال : يا فلان ما فعل دينك؟ قال : تخوّفته ؛ أي تنقّصته ؛ فرجع فأخبر عمر فقال عمر : أتعرف العرب ذلك في أشعارهم ، فأنشد الشعر. فقال عمر : يا أيّها الناس عليكم بديوان شعر الجاهلية. فإن فيه تفسير كتابكم ومعاني كلامكم. ينظر : الجامع لأحكام القرآن للقرطبي : ج ١٠ ص ١١٠ ـ ١١١. وفتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر : ج ٨ ص ٤٩٢ : شرح الباب (١٦) من سورة النحل.
(٣) الذاريات / ١.
(٤) العاديات / ١.
(٥) القدر / ١.
(٦) الفجر / ١ ـ ٢.