التوراة وما علّق عليها من حواش وشروح ، وما أدخل عليها من أساطير ، ينقلها إليهم اليهود الذين دخلوا في الإسلام عن حسن نيّة ، أو عن سوء نيّة سواء. وكان قد أدخل بعض النصارى ممن أسلموا بعض القصص والأخبار عن الإنجيل ، إلا أن ذلك قليل بالنسبة لما أدخله اليهود. وهكذا تضخّم الشيء الكثير من القصص والأخبار تضخّما كبيرا حتى زاد عما روي من التفسير المنقول ، وحتى شحنت كثير من كتب التفسير بهذا المقدار الضخم من الإسرائيليّات والقصص والأخبار الأخرى. وكان من أكثر من أدخل هذه الإسرائيليات وأشهرهم كعب الأحبار ، ووهب بن منبّه ، وعبد الله ابن سلام ، وهناك غيرهم كثير ، وبهذا صارت هذه الإسرائيليات والقصص والأخبار الأخرى مصدرا من مصادر التفسير عند قسم من المفسّرين.
حاجة الأمّة اليوم إلى مفسّرين :
علم التفسير باعتبار كونه معرفة من المعارف الشرعية الهامّة هو من أجلّ العلوم الشرعية فهو أحد العلوم الشرعية الثلاثة المعتبرة. ولذلك لا بدّ من العناية به في كلّ عصر وفي كلّ جيل. والأمة اليوم في حاجة إلى مفسّرين ، لأنه جدّت أشياء لم تكن ، فلا بدّ من معرفتها إذا كانت تندرج تحت كليّات عامّة ذكرت في القرآن ، أو يمكن انطباق أحكام جزئية عليها.
على أن أسلوب التفاسير القديمة باعتباره جمعا للتفسير ، هو نوع من أنواع التّأليف من حيث الشّكل والعرض ، وهو كأسلوب المؤلّفات القديمة لا يجد أبناء هذا الجيل رغبة وشغفا بقراءة التّفاسير إلّا لمن تعوّد على قراءة المؤلّفات القديمة ، وقليل ما هم. ولهذا كان لا بدّ من أسلوب يبعث الرّغبة والشّغف في المسلمين فضلا عن غيرهم ، لقراءة التّفاسير ككتاب فكريّ عميق الفكر مستنيره.
وفوق ذلك فإن ما سار عليه المفسّرون في العصر الذي جاء بعد وجود ترجمة الكتب الفلسفية والتأثّر بها ، وفي العصر الهابط الذي جاء بعد الحروب الصليبيّة ، قد أدّى إلى وجود تفاسير صرفت جهدا كبيرا نحو العناية بأشياء ليست من التفسير ولا علاقة لآيات القرآن بها ، فضلا عما تراكم فيها من الإسرائيليّات ، حتى أصبحت عند