نجد الإمام الطبرانيّ في منهجه يسير على أصول علم التفسير منضبطا بقواعده متعاملا مع النصّ بالبيان من السّنة ، والتعريف بدلالة ألفاظ النص على معهود لسان العرب أو مفردات لغتهم بأسلوب المفكّر المفسّر غير المتأثّر بأساليب أهل الحديث من الوقوف عند ظاهر النص ، أو أساليب أهل الكلام من التعامل الجدلي مع الرأي الآخر.
ومن ذلك أنه كان للشواهد الشّعرية أثر واضح في أسلوب الإمام الطبراني ، حيث أفاد إفادة واضحة منه في تقرير الوجهة النحويّة أو البلاغية أو الدلالية التي تعطي المعنى المراد على وجهه المقصود ، وبما يؤدّي إلى الفهم المراد فيه. فسيجده القارئ أنه كثير الاحتجاج بأشعار العرب بقصد توضيح معاني الألفاظ القرآنيّة ، وأنه حين يتناول الإعراب يأتي بالشّاهد الشعريّ حسب المناسبة ، وكذلك يفعل حين يتناول معنى غريب الألفاظ ، فيوضّح لغتها ، وييسّر معناها.
ويلاحظ بشكل جليّ أن الإمام الطبرانيّ يسير على خطى أسلوب المحدّثين ، حيث ينسب العلم لأهله ، وكأنه يؤسّس لذلك في غير مجال الحديث على نهج المحدّثين مختصرا الإسناد ، ومن بركة العلم أن ينسب لأهله. فغالبا يشير إلى معتمده في الفهم الذي يتبنّاه من أقوال السلف ، فيذكر من يرجع إليه في ذلك ، فكان غالب رجوعه إلى الفرّاء وابن النحّاس والزّجّاج والأخفش ، وغيرهم من أهل المعاني والعربيّة ، وغالبا ما يجمل القول ، فيقول : (قال المفسّرون) أو (قال بعض المفسرين) أو (قال أهل التفسير) هذا إذا لم يذكر العالم الذي أخذ عنه أو رجع إليه.
وكان عمدة الإمام الطبراني في تفسيره أن يأتي بالشواهد البيانيّة من السّنة النبوية أيضا ، فيأتي بالأحاديث في موضوع الآية ويذكرها من غير إسناد ، حيث يكتفي بذكر الراوي من الصّحابة رضوان الله عليهم غالبا ، أو بذكر التابعي ، أو من نقل عنه الأثر ، فيفيد من الحديث أو الأثر أو المأثور من أقوال السّلف في بيان معنى الآية ودلالتها على المراد المقصود.
وعماده أيضا في هذا المجال أن يذكر أسباب النزول ، أو يبيّن متعلّق الآية في الحدث حسب الزمان والمكان معتمدا على أخبار السّيرة النبوية ، وتحديدا سيرة ابن إسحق. فيأتي بالشواهد من السّيرة النبوية بما يجلي الصورة الذهنية ، ويوضح المراد على أتمّ وجه يراه من غير إملال أو إطناب.