قال في القديم : تحرم الخطبة ، لعموم النهي.
وقال في الجديد : لا تحرم ، لحديث فاطمة بنت قيس ، وقوله [ صلىاللهعليهوآلهوسلم ] لها : « انكحي أسامة » وقد خطبها معاوية وأبو جهم (١) ، فالبيع مثل ذلك (٢).
هذا إذا تساوما بينهما ، فأمّا إذا كانت السلعة في النداء ، فإنّه يجوز أن يستامها واحد بعد واحد ، لأن صاحبها لم يرض بأن يبيعها أو يسومها مع واحد ، بل سامها للكلّ ولم يخصّ واحدا.
وأصله أنّ رجلا من الأنصار شكا إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم الشدّة والجهد ، فقال له : « ما بقي لك شيء؟ » فقال : بلى قدح وحلس ، قال : « فأتني بهما » فأتاه بهما ، فقال : « من يبتاعهما؟ » فقال رجل : أنا أبتاعهما بدرهم ، وقال (٣) رجل آخر : عليّ درهمين ، فقال النبيّ : « هما لك بالدرهمين » (٤).
ولأنّه قد يبيعهما من واحد ويقصد إرفاقه ويخصّصه (٥) ، فإذا سامها آخر ، فسد غرضه ، وإذا نادى عليها ، فلم يقصد إلاّ طلب الثمن ، فافترقا.
تذنيب : يكره السوم ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، لدلالته على شدّة الحرص في طلب الدنيا ، لأنّه وقت طلب الرزق من الله تعالى.
ولما رواه عليّ بن أسباط رفعه ، قال : « نهى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن السوم ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس » (٦).
__________________
(١) صحيح مسلم ٢ : ١١١٤ ، ١٤٨٠ ، سنن البيهقي ٧ : ١٧٧ ـ ١٧٨ ، ١٨١ ، ٤٧١ ، شرح معاني الآثار ٣ : ٥ و ٦.
(٢) الحاوي الكبير ٥ : ٣٤٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٠.
(٣) في « س ، ي » : « فقال ».
(٤) سنن ابن ماجة ٢ : ٧٤٠ ، ٢١٩٨ ، سنن أبي داود ٢ : ١٢٠ ، ١٦٤١ ، مسند أحمد ٣ : ٥٥٨ ـ ٥٥٩ ، ١١٧٢٤ بتفاوت.
(٥) في الطبعة الحجريّة : « أو تخصيصه ».
(٦) الكافي ٥ : ١٥٢ ، ١٢.