ولو ادّعى كلّ منهما السبق ، فقد تقدّم حكمه ما لو أقاما بيّنتين أو أقام أحدهما خاصّة.
ولو لم يكن لأحدهما بيّنة ، نظر إلى السابق بالدعوى فقدّمنا دعواه ، وكان القول قول الآخر مع يمينه ، لأنّه منكر ، فإذا حلف ، استحقّ نصيبه بالشفعة ، ولم تسمع دعواه على الأوّل ، لأنّ ملكه الذي يستحقّ به الشفعة قد زال.
مسالة ٧٧٣ : لو ادّعى أحد الشريكين أنّه قد باع حصّته على زيد فأنكر زيد ، قدّم قول المنكر ـ وهو زيد ـ مع اليمين وعدم البيّنة ، فإن صدّق الشفيع شريكه على البيع ، وطلب الشفعة وبذل الثمن ليأخذ الشقص ، فالأقرب : ثبوت الشفعة في حقّ البائع للشريك ـ وهو أحد قولي الشافعي ، وقول أبي حنيفة وأحمد (١) ـ لأنّ البائع أقرّ بحقّ للمشتري ، وحقّ للشفيع ، وقد سقط حقّ المشتري بإنكاره ، فلا يسقط حقّ الشفيع ، كما لو أقرّ بحقّ لاثنين فردّه أحدهما.
والقول الثاني للشافعي : [ لا ] (٢) لأنّه لا شفعة هنا ـ وبه قال مالك ـ لأنّ الشفعة فرع على البيع ، فإذا لم يثبت البيع ، لم تثبت الشفعة ، فإنّ النسب إذا لم يثبت بإقرار أحد الورثة ، لم يثبت الميراث (٣).
والفرق : أنّ النسب يتضمّن حقّا له وحقّا عليه ، فإذا لم يثبت ما له ، لم يثبت ما عليه ، وهنا يثبت ما له ، وهو الثمن ، فتثبت.
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٢٥ ، روضة الطالبين ٤ : ١٨١ ، المغني ٥ : ٤٧٦ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٣٨.
(٢) ما بين المعقوفين أضفناه لأجل السياق.
(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٢٥ ، روضة الطالبين ٤ : ١٨١ ، المغني ٥ : ٤٧٦ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٣٨.